الفصل السادس

21.9K 463 50
                                    

وفي الحب شيئاً من عظمة الله وعذابات الأنبياء وأنفاس الشياطين
(جلال الدين الرومي)

**************

هوت رويدا على وجهه بصفعة قوية جعلته يرتد خلفاً تقول والشياطين تتراقص حولها (إنت بتهددني ياقليل الأدب)

تفاجأ ريان بتلك الصفعة التي سقطت على قلبه قبل أن تستقبلها وجنته فأغمض عينيه يقاوم البكاء أمامها وبداخله يتجمع يُتم العالم كله وفي نفس التوقيت دخل سعد يهدر بزوجته عالياً (رويدا.. إنتِ اتجننتِ؟!..إيه اللي عملتيه ده؟)

صرخت رويدا في زوجها بغضب عارم (ده ولد مش متربي)

تعالت نبرة سعد (أختك وبنتها قابلوني عالبوابة وبيهددوني أنا وابني)

أجابته رويدا بحدة (إنت ماتعرفش الزفت ده عمل ايه)

قاطعها سعد بوجه محتقن بالدماء وصوت جهوري (إسمعي اللي هاقوله عشان مش هاعيده مرتين .. أقسم بالله لو شوفت وش حد منهم هنا لارميهم بره وإنتِ قبلهم .. فاهمة ولا لا؟)

فغرت رويدا شفتيها ثم سألته بعصبية مفرطة (إنت بتخرف بتقول ايه؟.. باين عليك اتجننت ونسيت نفسك بس الغلطة غلطتي من الأول عشان طاوعتك وسيبت إبني لأبوك وأمك يربوه ويسمموا افكاره وطلعوه متخلف وراجعي زيهم)

لم يتمالك سعد أعصابه أمام إهانتها له ولوالديه فهوى على وجهها بصفعة قوية جعلتها ترتد خلفاً حتى كادت أن تسقط (إخرسي قطع لسانك)

وضعت رويدا كفها فوق وجنتها تقول بصدمة (هي حصلت تمد إيدك عليا بعد العمر ده كله ياسعد؟)

رد عليها سعد بأعين مشتعلة (وأكسر دماغك كمان طالما مش هاتحفظي لسانك وانتِ بتتكلمي عن أهلي وسيرة البت دي ماسمعهاش فالبيت تاني .. ده آخر تحذير وانتِ عارفاني كويس لو صبري خلص مش هاتردد ثانية إني اطلقك).. أنهى حديثه بأنفاس متسارعة ثم إنصرف وهو في قمة الثورة.. أما هي فلم تجد أمامها سوى ريان لتفرغ فيه شحنة غضبها قائلة (إنت من انهاردة مالكش أم.. إعتبرني مُت ولا لسه مسافرة)

نظر إليها ريان ولم يجد من الكلمات مايصف شعوره فآثر الصمت وصعد إلى غرفته بقلب مفطور وروح تتمزق على أطراف أمومتها البالية.. يشعر بيُتم أكثر من الأيتام الموجودين في دور الرعاية..يسأل نفسه ماذا إقترف ليتسع فراغ عدم وجودها في حياته كأم حقيقية بهذا الشكل؟ ..ولماذا لا يستطيع النوم مطمئناً تحت سقف يجمعه بها؟.. للأسف أجبرته بقسوتها أن يبحث عن حنانها في وطن آخر غير أحضانها ، ويرتجي السلام من دعوات مربيته وأعين جدته .. ولأول مرة تغلبه خيبة الأمل فجلس على فراشه يبكي رثاءً لحاله ويستقي من دمعه بدلاً من نبع حبها .. الإنسانة التي من المفترض أن تكون مأمنه وملاذه هي جلاده ومعذبته وبعيدة كل البعد عن كلمة أم

****************

على صعيد آخر /

كانت چيسي في حالة لا تُحسَدُ عليها.. رفضه للزواج منها سقط فوق عقلها الفارغ كصفعة مدوية أدمت جانب غرورها فكيف يتجرأ ويرفض إبنة (محمود الصرَّاف) رجل المال والأعمال .. ذلك المليونير الذي يلقي بالذهب والفضة تحت أقدامها لتدعسها بحذاءها ذو الماركة العالمية.. يدللها لأقصى حد غير مبالياً بأنها تصبح كالقنبلة الموقوتة عندما ترغب بشئ والآن لها رغبة لم تُنَفَذ فطلبها هذه المرة لا يُباع ولا يُشترى .. وقلبه لم يهفو لوصالها ولو بشق خفقة وروحه لم تجد روحها فيها وإن إستسلم للضغوط والإلحاح سيغرق نفسه في عتمة ظلها وسيحيا ميتاً على قيد حياة لا تمت له بصلة.. وبعد وقت ليس بقليل وصلت مع والدتها إلى الڤيلا الخاصة بهم وما أن رأت والدها حتى إنهارت من البكاء وإرتمت بين أحضانه شاهقة بمرارة شديدة.. ضمها محمود متسائلاً بقلق (مالك ياحبيبتي؟.. مين اللي مزعلك كده؟)

عيون الريان (مكتملة)Where stories live. Discover now