الفصل العاشر

ابدأ من البداية
                                    

أخرجت مريم كل مايؤلمها وكأنها تعاتبه على مافعله بها دون قصد من خلال كلمات الأغنية التي لمست جرحها وما أن انتهت منها حتى انخرطت ببكاء مرير.. فزعت صباح بشدة على منظرها المنهار واحتضنتها في محاولة لتهدئة نبضاتها التي تضرب عظام صدرها بطريقة هيستيرية وقلبها يقول (أنا أتألم ليرحمني أحدكم ويزيل هذا الشعور الذي سكنني رغماً عني) بينما بكت ريهام على بكائها فلأول مرة تراها منكسرة هكذا .. ولم ينتبهن إلى ذلك الذي يقف أمام الباب تكاد تخرج مقلتيه من محجريهما وقلبه أوشك أن يتوقف من فرط الألم .. دموعها نزلت فوق صدره كقطع زجاج شحذت طبقات جلده طبقة طبقة.. شهقاتها أخترقت جدار روحه تطعنه بخناجر مسمومة وللحظة أحس بالأرض تميد به وأصبح قاب قوسين أو أدنى من فقدان وعيه أمام بكائها وشعور بضعف الدنيا يحتل كيانه ورغبة في ضمها ليخبئها بين أضلعه تسحق المتبقي من ثباته الواهن وبعد دقائق قضاها في تفكير متروي قرر الانسحاب تاركاً المكان بمقلتين غائمتين وساقين اصبحتا كالهُلام وعقل ترك نصفه معها

***************

خرج ريان من بوابة الدار خائر القوى ولم يدري كم مر عليه من الوقت وهو جالس خلف مقود سيارته وروحه تغُص في حلقه بمرارة كالعلقم .. اطمئن قلبه بعض الشئ عندما لمح طيفها واقفة في شرفة غرفتها والهواء يعبث بخصلاتها ثم غادر بعد عناء مع نفسه التي تحرضه أن يجلب سُلَماً خشبياً خاص بعمال شركته ليصعد إليها كروميو الذي مات شهيداً في عشق چولييت .. افترّت شفتيه بابتسامة خفيفة يدعو في سريرته (خفف عنها ياالله وأزل عن روحها التعب فأنا أحبها بقدر رحمتك).. انطلق بلا وجهة وشبح جدران الڤيلا الخانقة يطارده ولم يجد مهرباً سوى بيت جده فهو في أمس الحاجة إليه الآن ومن أقرب من الجد زين ليواسي غاليه الصغير ويسكن آلامه..
_ (وحشتني أوي ياحبيبي)
قالها الجد زين وهو يضمه بحنان شديد واشتياق لرائحته وتفاصيله التي يفتقدها كثيراً بينما شدد ريان عناقه قائلاً (حضرتك وحشتني أكتر والله)

ابتعد عنه جده برفق ثم جذبه ليدخل قائلاً (بطة هتطير من الفرحة لما تشوفك)

سأله ريان مبتسماً (هي فين؟)

بادله الجد زين ابتسامته قائلاً (نايمة فوق تعالى نطلع نصحيها)

استوقفه ريان قائلاً برجاء (أنا محتاج أتكلم مع حضرتك لوحدنا شوية)

تفحصه الجد زين بنظرات قلقة ثم قال (مالك ياريان؟..فيك ايه؟)

أجابه ريان بتنهيدة حزينة (هاحكيلك على كل حاجة)

وبالفعل اتجه معه نحو حديقة المنزل وكالعادة لم يُخفى على الجد مايعتمل بصدر صغيره الشفاف الذي يظهر مشاعره بكل وضوح .. وفطن السبب قبل أن يتحدث لكنه فَضل الاستماع إلى فضفضته ليستريح من صراع ذاته .. جلس ريان يسرد على مسامعه كل الأحداث بدءً من دخوله الدار بحجة الإصلاحات حتى بكاء مريم هذه الليلة .. انتهى من حديثه متوجساً خيفة من ردة فعل جده الصامتة وظل على هذا الحال حتى قطع شروده متسائلاً (مابتردش عليا ليه؟)

عيون الريان (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن