الفصل الثامن

ابدأ من البداية
                                    

أمسكت سمية ذراعه تقول برجاء والألم يمزق أحشائها (ريم أختك عايشة .. صدقني يا يوسف هي دي الحقيقة)

انتفض سالم وهب واقفاً بعصبية (واضح ان صدمة موت بنتك أثرت على دماغك)

حثته سمية على الجلوس مرة أخرى (والله العظيم ريم عايشة وانا السبب إنها تبعد عنكم طول السنين اللي فاتت )

سألها سالم بتوتر (والكلام اللي جابر البواب قاله هو ومراته ده كان ايه؟)

أجابته سمية بتأكيد (كذب وماحصلش .. انا هاقولكم الحقيقة كلها)

**flash back**

في منتصف نهار قارس البرودة من أيام ديسمبر الملبدة بالغيوم .. كان يسير ذاك الكهل ذو الملامح الجنوبية المنحوتة بفعل أصابع الزمن والفقر ..حاملاً رضيعة أسياده المفقودين .. يخبأها تحت معطفه الصوفي الرث ليحميها من رذاذ الأمطار التي بدأت وصلة من التساقط وكأن السماء تبكي حزناً لموت والديها .. إقترب جابر من المنزل الكبير المقام به سرادق العزاء حتى يسلم الطفلة لذويها ويعاود أدراجه بحثاً عن عمل آخر بعدما إنقطع رزقه بوفاة عبدالرحمن وزوجته في حادث سير أثناء سفرهما من مدينة السويس إلى القاهرة ولحسن حظ الصغيرة أو ربما لسوءه أنهما تركاها برفقة الخادمة على أمل العودة سريعاً لذلك بقيت على قيد الحياة وأثناء دخول جابر من بوابة البيت لمحته سمية.. استغلت انشغال الجميع في تلقي التعازي والمواساة واصطحبته بعيداً كي لاينتبه أحد لوجود ريم معه أو يستمع لما سيدور بينهما

رمقت سمية الصغيرة بكره شديد تسأل لجابر والشرر يتطاير من مقلتيها ( إيه اللي جاب البت دي هنا؟)

تعجب جابر من سؤالها وأجابها بجبين متغضن (دي بنتكم ياست هانم )

صكت سمية أسنانها بغضب (ارجع بيها مكان ماجيت وماشوفش وشك ولا وشها هنا تاني)

إرتعدت أوصال جابر من لهجتها الحادة وسألها بقلة حيلة (يعني إيه الكلام ده؟)

لوحت سمية بيدها في الهواء تهتف بغل (إعمل اللي بقولك عليه ولو اتجرأت وقربت بيها من البيت هاكسر رجلك)

تداعت نظرات جابر وأومأ لها بخضوع ثم إنصرف بريم مطأطأ الرأس..لا يملك بيده شيء ليفعله سوى أن ينتظر حتى إشعار آخر من تلك السيدة التي تضمر حقد غريب تجاه صغيرة لاتعي شئ ولاتدرك أنها أصبحت يتيمة ويبدو أن الحياة بدأت تلاطمها مبكراً بينما أقنعت سمية الجميع أن أجواء العزاء غير مناسبة للطفلة ومن الأفضل تركها في رعاية الخادمة كي لا تفزع.. بعد ثلاثة أيام على تلك الواقعة خرجت متعللة بحجة واهية متجهة نحو بيت حموها لتنفذ ماتحالفت مع الشيطان لتدبيره..وحينما فتحت لها إبنة جابر وهي تحمل ريم دفعتها باشمئزاز ودلفت للداخل قائلة (غوري بالبت دي مش طايقة أشوفها )

إمتثلت الفتاة لأمرها برعب وقامت باستدعاء والديها ليتفحصا تلك المتعجرفة ثم أخذت ريم لغرفتها .. دنا جابر وزوجته منها متوجسين من مظهرها الذي لايبشر بأي خير فأشارت لهما باذدراء أن يجلسا على أريكة متموضعة في وسط صالة استقبال المنزل قائلة (تعالى انت وهي اقعدوا )

عيون الريان (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن