المقدمة

274K 2.6K 205
                                    

المقدمة
كان يحمل بندقية الصيد خاصته بيده وهو ينظر الى السماء في ترقب منتظرا الوقت المناسب ليقتنص فريسته ويوقعها في مصيدته ...
ظل يراقب الطيور التي تطير بحرية في أفق السماء باحثا بينهم عن صيده الجديد حتى وجد ضالته بينهم اخيراً ...
أغمض احدى عينيه وهو يوجه فوهة البندقية اتجاه ذلك العصفور الصغير الذي يرفرف بجناحيه متبعا رفاقه الذين سبقوه قليلا ثم ضغط على زناد بندقيته لتخرج الرصاصه منها باتجاه الهدف المحدد وقد نجح في اصطياده كالعاده ...
نظرت الى ذلك العصفور الصغير الذي سقط ارضا وريشه يتناثر حوله بينما تقدم احد رجاله بسرعه لالتقاطه وضمه الى رفاقه الذين سبقوه ... شبهت نفسها بذلك الطير فمنذ شهرين وهي تحوم وتخطط ظنا منها انها سوف تجد حريتها الضائعه اخيراً الا انه اصطادها بسهوله كما اعتاد ان يفعل لتجد نفسها تقع في قبضته التي لا ترحم ابدا ... وفِي سجن لا يهدد حريتها فقط بل يهدد حياتها باكملها ...
في كل مره يطلق فيها رصاصته تشعر بها تخترق صدرها بدلا من ذلك الطير ... وما ان تسمع صوت إطلاق النار حتى تشعر بقلبها يهوى أسفل قدميها ... وكأنه ينوي اصطيادها هي بدلا منهم ... وكأنه يوجه فوهة سلاحه اتجاهها بدلا من توجيهها الى السماء ...
كانت تجلس على كنبة خشبيه تسع شخصين يديها الاثنتين مقيدتين خلف ظهرها ... مربوطتان بأحد الحبال المتينه وفمها مكمم بالكامل بشريط لاصق ... سخرت من فكره تقييدها وتكميمها على هذا النحو ولم تجد لهذا التصرف اي داعي فهي بالتأكيد لا تفكر بالهرب او الصراخ وهو بنفسه يقف امامها ورجلين أشبه بجدران متحركة يحيطان بها من جانبيها ...
تطلعت الى الرجلين الذي يقفان على جانبيها ... كانا ضخمان بشكل يصعب على العقل استيعابه ...
سمعت احدهما يتحدث بخفوت ( يبدو ان شهيته مفتوحه على الصيد هذا اليوم ... لقد اصطاد ما يقارب عشرة عصافير الى حد الان ...)
ابتلعت ريقها بتوتر وهي تحدث نفسها قائله ( شهيته مفتوحه على الصيد ... يا الهي كم انا محظوظه ... اخشى ان أكون انا صيده القادم ... ارجوك يا الهي افرجها عليَّ )
تطلعت اليه فوجدته يبتعد عن المكان المخصص للصيد الذي كان يقف به منذ لحظات متجها نحوها ... اضطربت بشده من رؤيته يقترب منها هكذا بينما كانت عيناها لا تحيد عن خطواته المتجهة نحوها ...
ما ان وصل اليها حتى وضع احدى قدميه على الكنبة الخشبيه بجانبها تاركا قدمه الاخرى واقفه على الارض ...
ذهبت ببصرها اتجاه يده التي ما زالت تمسك بالبندقية فشعرت بخوف شديد وهي تتخيل انه سوف يفرغ محتواها من الرصاص برأسها ...
ويبدو انه قرأ افكارها فورا فتحدث بسخريه قائلا ( لا تقلقي ... لا انوي التخلص منك فورا ... يجب ان تأخذي فرصتك اولا ...)
تطلعت اليه بنظرات مرعوبه وهي تشعر ان نهايتها اقتربت لا محاله فيبدو انه لن يسامحها على فعلتها ابدا ... وكم هو سهل عليه ان يقتلها بسهوله ويرميها هنا في هذه الارض الواسعه الشبه خاليه من السكان ... وحينها سوف تكون الذئاب اكثر من سعيده بوجبة العشاء الدسمه التي تنتظرهم ...
اخرجها من افكارها المخيفة يده التي امتدت الى فمها محرره اياه من ذلك الشريط اللاصق الذي يغطيه بالكامل ...
وما ان حرر فمها بالكامل حتى بدأت تتحدث بسرعه وهي تهتف به بتوسل ورجاء ( سيدي ... ارجوك ... سامحني ... انا أسفه ... ارجوك ... اغفر لي فعلتي هذه ... اعدك انني لن أكررها ...)
كان تتحدث بسرعه شديده وكلمات غير مترابطة تخرج من فمها و هي لا تعرف ماذا تقول بالأساس فقط لسانها يخرج سيل من الاعتذارات والكلمات الغير مفهومه مما جعله يصرخ بها غاضبا ( اخرسي .........)
ارتدت الى الخلف فورا جراء صرخته تلك التي هزت أوصالها وارعبتها بشده ...
حل الصمت بينهما للحظات قطعها هو قائلا بهدوء تام يناقض صرخته تلك ( فعلت كل شيء سيء قد تتخيلنه ويخطر على بالك ... ارتكبت افعال بشعه لن يستوعبها عقلك هذا ...لم اترك ذنب الا واقترفته ... ولم اترك عدو الا و قتلته ... واي شيء يعجبني وهو ممنوع عني الا وانتهكته ... لكن هناك شيء واحد لم افعله ابدا ... الخيانه ........)
غامت عينيها بنظره تجمع ما بين الخوف من حديثه هذا وما سوف ينتظرها منه وبين الخجل الشديد منه نتيجة فعلتها الغبيه تلك ...
فيما اكمل هو حديثه بنفس نبرته الهادئة ( اكره الخيانه بشده يا يارا ... أمقتها كثيرا ... وقد أسامح في اي شيء ما عداها ... الخائن لا يوجد له عندي اي مجال للعفو ... مكانه المناسب بالنسبة لي هو القبر ...)
امتلئت عينيها بالدموع و شفتيها بدأت بالارتجاف وهي تستمع الى حديثه هذا الذي يخبرها بكل صراحه بانه لن يسامحها او يغفر لها فعلتها تلك ابدا ....
جال ببصره نحوها وعيناه تحملان نظرة سوداء قاتمه أشبه بالجحيم الذي ينتظرها منه ... تحدثت اخيرا بصوت عميق قائلا ( لكن رغم هذا انا لن أقتلك فورا ... فانا نويت ان أجعلك استثناء هذه المره ... كما قلت لك قبل قليل سوف تأخذين فرصتك كامله ... )
نظرت اليه بعدم فهم وهي تحاول استيعاب مقصده بينما أشار هو الى الرجل الذي كان يقف بجانبها قبل قليل والذي أتى فورا وهو يحمل بيده تفاحه حمراء فاخذها منه ثم عاد ببصره اليها محدثا اياها ( هذه التفاحه هل ترينها ...)
هزت رأسها بايماءه خفيفه على سؤاله ولسانها يرفض ان ينطق بكلمة واحده من شدة الخوف والجزع الذي تشعر به فيما اكمل هو حديثه قائلا ( حياتها مقابل حياتك ...)
أفرغت فاهها بدهشه وهي تحاول استيعاب ما يقوله ... هل هو مختل عقليا ... انه بالتأكيد مجنون رسمي ليتفوه بهذا الكلام ... هل للتفاح حياة وهي لا تعرف بها ولم تسمع عنها من قبل ...
فيما ابتسم هو بسخريه من مظهرها الحائر هذا وهي تبدو كالبلهاء بعينيها المتسائلتين وفمها المفتوح بدهشه ...
استطرد في حديثه مكملا ما قاله قبل قليل موضحا مقصده من حديثه الذي بدا مشوشا لها ( ما اقصده انني سوف أضع هذه التفاحه فوق رأسك الجميل ... وسوف اوجه سلاحي اتجاهها وأصوب ... ان كان حظك جيد فالرصاصه سوف تصيب التفاحه اما ان كان حظك اسود فسوف تخترق رأسك بدلا منها ... )
تطلعت اليه ببلاهه مما يقوله ... انه يضع حياتها مقابل هذه التفاحه ... للحظه كانت سوف تظن انها في احد برامج المقالب وان ما يقوله مجرد مزحة لا اكثر لولا معرفتها وإدراكها جيدا لحقيقة وضعها الحالي وما يحيط بها ...
اقترب منها ثم وضع التفاحه على رأسها ببطء وتمهل وهو يهتف بها بتحذير ( اياكِ ان تتحركِ ... فاذا وقعت هذه التفاحه سوف يكون رأسك هو الهدف الوحيد امامي ...)
ضغطت على كفيها بقوه ونبضات قلبها المسكين ارتفعت لدرجه جعلتها تشعر انها سوف تموت بالسكته القلبيه بدلا من رصاصته هذه ...
ابتعد عنها بضعة أمتار ثم وجه فوهة بندقيته اتجاه رأسها مما جعل جسدها يرتجف بالكامل من هول هذا الموقف الذي لن تعيشه مره اخرى ابدا هذا ان كتبت لها حياة من الأساس تعيشها بعد الان ...
حاولت ان تقرأ الادعية وبعض الآيات القرآنيه الا ان الموقف التي هي فيه ورعبها مما يحدث حولها جعلها تنسى كل شيء ...
أغمضت عينيها بقوه وهي تنتظر منه ان يصوب رصاصته نحوها لتخترق رأسها كما ظلت تتخيل منذ ان وطأت بقدميها هذا المكان ...
سمعت صوت رصاصه يصدح في ارجاء المكان وهي تنطلق نحوها بالتأكيد ثم ما لبثت ان سمعت صوت عميق ينادي عليها قائلا ( افتحي عيناكِ .........)
فتحت عينيها ببطء وهي تناظر المكان حولها لتتأكد انها ما زالت حية ولم تمت ... وما ان رأته امامها حتى أغمضت عينيها مره اخرى وهي تحدث نفسها بصوت غير مسموع ( طالما رأيته امامي ... اذا ما زلت حية ... بالتأكيد الشياطين امثاله لن اراهم في آخرتي أيضا ...) ثم فتحت عينيها مره اخرى لتجده يقترب منها بهدوء محدثا اياها ( يبدو ان اليوم هو يوم الحظ بالنسبة لك ...)
سألته بترجي ( سيدي ... هل عفوت عني الان ...)
( ليس تماما ... ما زال هناك شيء اخر يجب ان تفعليه حتى أعفو عنك تماما ...)
ضغطت على شفتيها بقوه وهي تتخيل طبيعة الشيء الاخر الذي ينتظرها معه فقبل قليل كانت سوف تنتهي حياتها برصاصه منه والآن ماذا سوف يفعل !

الشيطان حينما يعشق ( الجزء الاول من سلسلة شياطين العشق ) Where stories live. Discover now