البارت الحادي والثلاثون

46.3K 1.5K 932
                                    

ناجيتك يا حبيبي في الامي..
ناجيتك وبكيت كمدا وقهرا..
توسلت شفتيك الا تبجس كلمة الفراق..
ولكنك نطقها دون ترَّوي..
ودون ان تهدهد فؤادي بهمساتك العاشقة قبلا..
قتلني بعدك يا حبيبي..
مزق اوراق ايامي المقبلة وطواها..
ثم طمسها تحت ستار الأوجاع..
اغرقني بعدك يا حبيبي..
ودسَّني في حصنٍ دامسٍ..
ليُطفئ انارة املي وشعلتها..
ابكي دون صوت يا مغواري..
واناجيك حتى في احلامي..
ولكنك بعيد..
ابعد من ايامي..

-----------------
شهقات مكدومة هاجمت اذنيه.. شهقات باكية على قلوب لم تعاني الا الوجع والوصب.. شهقات مزقت نياط لبه.. رباه!! كل ذلك لا يضاهي شيئا من دموع محبوبة عمره التي انحدرت على وجنتيها، معلنة اكتفاءها، معلنة استسلامها لكل الالام والاضطهاد التي تتلقاه علاقتهما.. تدمره!! عبراتها المفتوكة تدمر روحه بلا رحمة..

استسلم ليداي رجال مجد التي امسكت بذراعيه ليسحبوه معه.. استسلم وعيناه تتشبع بخيوط عبراتها التي تذرفها منبعي رماديتيها... كانت مصدومة، خائفة وحائرة.. وهو كان خائف عليها.. خائفا عليها من مرض قلبها.. خائفا على الطفل الذي ينمو في احشائها.. بل يكاد يموت ارتياعا اذ لا سمح الله تأذت..

- اعتني بطفلنا يا لين.
انبثقت هذه الجملة من شفتيه بصوت عال حتى يتغلغل في اعماقها جيدا.. كانت هذه الجملة اخر ما نطقته شفتيه قبل ان يختفي من وسطم، ويُوضَع في سيارة من سيارات مجد.. ودعتها عيناه بإشتياق قبل ان يفيض اشتياقه موتا.. يا الله!! دوما الفراق يشق طريقهم.. يقضي على احلاماهم وامالهم..

اكثر ما يريح قلبه انها لا زالت تحت عصمته.. لا زالت زوجته.. اتقن دور المتألم وهو يبجس طلاقه بإتقان.. كم هو مجد غبي!! يشكر الله مئات والاف المرات على عدم معرفة مجد بالطلاق من ناحية الدين.. وربما حبيبته لا تعلم.. ولكنهم سيخبروها وهو واثق من ذلك وحينها ستتحرر دقات قلبها بإرتياح..

انطلقت السيارة الذي توسدها، ولم يحاول منعهم من القبض على يداه بأغلال حديدية.. جلّ يهمه الان هو الابتعاد فقط.. ليتمكن من التصرف كما يجب.. ليتمكن من التصرف بأريحية ودون قلق على اسرته.. يعتقد مجد انه ابله، لم يعدّ نفسه الى هجوم من قبله وخاصة بعد مجيء ترنيم اليه، راجية بالسماح.. خطواته مدروسة بعقل محترف مخطط.. ابتسم بخفوت ساخر ريثما توقفت السيارة في جوف مغارة تبعد عن البلد اميالا طويلة.. لا يعلم كم مضى من الوقت حتى وصلا ولكنه جازما ان وصوله الى هذا المكان استغرق ساعتين او ثلاثة ساعات وربما اكثر..

- انزل.
امره رجل ما، بنيته ضخمة، فاتحا له الباب بخشونة ليطالعه بإستهزاء شرس قبل ان يترجل، شامخا الرأس ورافعا منكبيه بتغطرس.. ثم هتف بنبرة تحمل الكثير من اللؤم:
- ارى ان رب عملك الوسخ لم يصل بعد.. فما هو السبب يا ترى؟!

- هذا لا يعنيك.. واحترم نفسك معي قبل ان اعلمك جيدا كيف تتكلم بلباقة مع اسيادك.

لم يستطع منع القهقهة المتهكمة التي اطلقتها شفتيه المزمومتين، استعدادا للهجوم وهو يرد:
- اسيادي!! انت تجعلني اتعجل بقتلك حتى قبل سيدك الحقير.

اسيرة تحكمه (سيتم تعديل احداثها قريبًا)Where stories live. Discover now