البارت الواحد وعشرون

55.7K 1.7K 420
                                    

خائفٌ انا مما لا ادركهُ ولا استنبطهُ..
خائفٌ انا كطفل ضلَّ وتبلَ طريقهُ..
خائفٌ انا من عذابِ عقلي يلاحقهُ..
تركتموني بين بقايا دثور اجمعهُ..
بلا فائدة وبلا جدوى الملمهُ..
بقلب فارغ وروح مشتتة رشدهُ..
انام واستيقظ لأجد انه الكابوس نفسهُ..
ابِيًا ان يرضخ لكأسِ مستقبلاتهُ..
ها هي ايامي في دُجن ليلهُ..
اصْرَخُ بلا صوتٍ ينقذهُ..
اصْرَخُ بلا صوتٍ يسمعهُ..
اصْرَخُ لأبقى في نفس ديمومتهُ..
ليُطُمِر نفسهِ في اسخمهُ ويُحرِّرُ امهقهُ..

----------------------
- انت؟! ترنيم!!!
صاح بها ريس وهو يقترب من اخته التي تناظره بروحا منفطرة.. وبقلب جافل جذبها الى حضنه، ممررا يداه على طول ظهرها صعودا ونزولا ليبث القليل من الطمأنية لقلبها الدامي كمدا..

استنكرت ترنيم المشهد الاخوي ومناداة ريس لها بأسمها دون احترام بغيظ فتقدمت منهما هاتفة:
- ترنيم!! انا امك ريس اذا كنت لا تعرف.

- انا ليس لدي ام!! افهمتي ايتها السيدة؟!
زمجر بها بتمهل قاتل لتتغلغل حروفه القاسية على مسامعها ومسامع اخته التي تهز رأسها بإنفعال مؤلم، غير مدركة لما يحوم حولها تمام او لما يتفوه به ريس من خرافات وتراهات.. ضائعة.. خائفة.. تائهة..
لم تحتمل لين حالة عدن المزرية والمنكسرة فإقتربت منها لتضمها هي الأخرى.. بألما موازي لألمها والم ريس.. تعلم ما يعانيه! تعلم المتاعب الذي يتحملها وتدحرج انفاسها بؤسا.. ولكنه يتظاهر بالقوة وهي حق من تعرفه.. ما زالت لا تصدق كيف امهم على قيد الحياة! لا تصدق.. كارثة عاتية حلّت على افراد العائلة اجمعها!!

شخرت ترنيم بفمها وتوقفت قبالة عدن، رامقة لين بإستحقار لم يبالي به احد.. وهمست:
- تعالي معي يا ابنتي.. تعالي الى امك.. الا تريدي البقاء مع امك؟!

لا.. لا تريد ان تسمع المزيد.. هذا يكفي!! سكاكين حادة تغرز بكل انحاء جسدها.. لم تعد تستطع الصمود اكثر.. انها تختنق.. تكاد تموت لوعة.. تريد الذهاب الى احضانها.. تريد وتريد لكنها خائرة بلا حول ولا قوة..
ازداد بكاءها عنفا ليتحول الى شهقات تخللت أُذنَي ريس لتزيد من الطين بلة.. وتمسكت بقميصه بإستنجاد.. واضعة رأسها بعنق لين تكتم صيحات كربها ولوعتها .. ليصيح ريس بصوت اسد مجروح، مكدوم بأعلى صوته:
- اصمتي ترنيم قبل ان يحدث ما لا يعجبك.. اسمعيني جيدا يا امرأة.. في حياتي وحياة اخوتي اياكِ ان تتدخلي.. انا احذرك! صلة الدم الدنيئة التي تربطنا سأنساها وادمرك ايتها الخائنة القاتلة.

صدمة تلو اخرى هذا قاس بحق.. ارادت الصراخ لتفهم التهمة التي يلقيها على امها!! تريد ان تفهم وتعرف الى ما يشير.. لكن لم تخرج منها سوى همسات خفيضة غير مفهومة بعنق لين المذبهلة، ذارفة دموع الحسرة عليهما وعلى عدن اكثر..
بينما ترنيم تصنمت مكانها بذهول تام.. كيف عرف!! لا احد يعرف غير ادم.. وبالتأكيد لن يخبرهم.. تلون وجهها بإصفرار قاتم حتى بهت بياضه الناصع.. وتلك النظرات المبهوتة التي تناظرها اثارت خوفها وارتباكها لتبتلع ريقها بصعوبة..
وما ان لاحظت عدن التي توقفت عن البكاء واقتربت منها  بنظراتها التي على وشك ان تحرقها صاحت مدافعة عن نفسها:
- مالذي تتفوه به ريس؟! انا لم اقتل ولم اخون احد.. تعالي معي يا عدن هيا حبيبتي.

اسيرة تحكمه (سيتم تعديل احداثها قريبًا)Место, где живут истории. Откройте их для себя