29- اختطاف مُخطط له.

1K 83 31
                                    

خوف السنوات، والذكرى الّتي تطاردها، عيناه الخبيثة الّتي لا تغادر عقلها، شعور الذنب والخزي الّذي يتملّكها.. كل هذا.. كله لا يصمت، يزيد من تشوش أفكارها، تكثر الكلمات في عقلها بلا توقف فتؤكد عليها أنّها المذنبة.. هيَّ سبب كل الفضائح والخزي الّذي تشعر به.

وبدأت أنفاسها تخفت فباتت لا تقدر على أخذها وتأكدت أنها تمر بنوبة ذعر أخرى، وهيَّ لا تقدر على الجلوس هكذا أمام والدتها، فانهمرت دموعها في صمتٍ وحين جاءت تغادر المطبخ بقدمين كالهلام رأت ليالي تقف في ذهول وصدمةٍ وتبدو على ملامحها أنها استمعت إلى الحديث.

ركضت لغرفتها وأغلقت بابها خلفها، ذهبت إليها والدتها تحاول أن تفتح الباب المغلق ولكنّها فشلت لأن الأخرى تغلقه من الداخل، فصرخت بها بذهولٍ يرفض ما استمعت إليه:-
"خليها تفتح تفهمني إيه الجنان اللي بتقوله ده."

ضربت على الباب بكفها العريض، وبالداخل ابنتها تنزوي بإحدى الأركان وتبكي بارتعابٍ ووالدتها تصرخ بها بهستيرية:-
"إفتحي يا ضحى، بقولك إفتحي!"

بصعوبةٍ تحدثت بصوتٍ مبحوح متحشرج من فرط بكائها:-
"سيبوني لوحدي.. سيبوني."

جاءت ليالي إلى والدتها تبعدها، حاولت هيَّ أن تتحلى بالهدوء وسط الأجواء المشحونة تلك، فأمسكت بكتف والدتها تطلب منها:-
"ماما أبعدي دلوقتي أنتِ متعصبة وده مينفعش وكلامك هيزيد الوضع سوء، سيبيني أنا هكلمها."

توسعت عينيها بعصبيةٍ وهدرت بها هيَّ الأخرى في استنكار:-
"لا يا ليالي مش هبعد.. أنت مسمعتيش هي قالت ايه!"

صممت بجديةٍ وهيَّ تقف كالحائل أمام والدتها:-
"وعشان كده بقولك ابعدي، لو سمحتِ يا ماما."

صمتت لدقيقة تتمالك أعصابها، ونظرت إلى الباب خلف ليالي وارتفع صوتها الجهوري حتى يصل لابنتها بالداخل:-
"قوليلها تعقل، الجنان اللي بتقوله ده لو أبوها عرف عنه هتضيع فيها، قوليلها تعرف مصلحتها فين وتبطل تخريف."

زفرت ليالي بضيقٍ ممتعض على كلمات والدتها، وبهدوءٍ طلبت منها:-
"طب روحي يا ماما دلوقتي لو سمحتِ."

غادرت والدتها على مضض، ووقفت ليالي تأخذ نفسًا عميقًا وطرقت على الباب تقول:-
"أفتحي يا ضحى أنا ليالي."

لم تنتظر كثيرًا وفُتِحَ الباب وكأنّ الأخرى ما صدقت ووجدت أختها بجوارها، وبمجرد دخولها الغرفة وغلق الباب، اقتربت ضحى منها لتعانقها برجفةٍ وشهقات متتالية لا تقدر على التحكم بها وأخذت في الارتفاع، فعانقتها ليالي تربت على خصلاتها بحنانٍ فطري وحزنٍ زاخر على حالتها وهمست لها تطمئنها:-
"إهدي يا حبيبتي.. إهدي بس عشان خاطري."

أشباهُكِ الأربعون.Where stories live. Discover now