أشباهُكِ الأربعون.

11- أَينسى الوردُ سَاقِيه؟

في طريق هادئ، تجلس على المقعد المجاور له وتبتسم له من حينٍ لآخر، تختلس النظرات بينما يقود في طريقه إلى الأسكندرية وسرعان ما انتبهت لشيء قد نسيته فضربت مقدمة رأسها وهيَّ تتمتم:-
"أوف! نسيت أجيب لبان!"

مازالت عيناه معلقة على الطريق واستفسر بهدوء:-
"اشمعنى لبان يعني؟"

"مبقدرش أركب عربيات لوقت طويل وبدوخ بسرعة، فباكل لبان.. بتلهي شوية عن الطريق."

أومأ مدركًا حالة الغثيان بسبب الطريق الّتي تعتريها فقال:-
"أيوة فهمت، طيب هو كده كده فيه استراحة قريبة، نقف فيها نشتري لبان وتاخدي نفسك، تمام؟"

"تمام جدًا." قالتها بهدوء وهيَّ تمسك الهاتف لترى شيء به وسرعان ما أرجعت رأسها للخلف وأغمضت عينيها وزفرت تنبس:-
"يادي النيلة!"

"خير، حصل حاجة ولا إيه؟"

نظرت للهاتف ثانية وأدركت أنها قد ابتعدت عن منزلها كثيرًا فأحاطت رأسها بيديها وهيَّ تجيبه:-
"حصل حاجة في الشغل وفيه Online meeting هحتاج فيه اللاب وأنا سايباه في البيت!"

"أي لابتوب ولا اللاب بتاعك بالذات؟"

نظرت له بقلة حيلة تجيبه:-
"مش هبقى شحات وبيتأمر كمان! أي حاجة تمشي الحوار وخلاص."

هدّأ من سرعة السيارة وابتسم على حديثها يقول:-
"محلولة أهو، أستخدمي اللاب بتاعي.. هركن على جمب ثواني بس أجيبهولك."

كأنّها وجدت تلك الأبرة بعد بحث طويل بين أكوام القش فنظرت إليه تتمسك بشعاع الأمل وهمست:-
"بجد؟ يعني مفيش مشكلة؟"

أوقف السيارة على جانب الطريق وارتسمت على ثغره بسمة حنونة ظهرت في لمعة بعيناه الرمادية وهو يخبرهت بعتابٍ:-
"مشاكل إيه بس يا عيوني أنتِ تعملي اللي أنتِ عايزاه."

نمى شبح بسمة بلهاء ممتنة على شفتيها وهيَّ تستمع لكلماته وجلست تنتظره بأعين لم تستطِع أن تبتعد عنه فظلت معلقة عليه حتى عاد وجلس بجوارها ثانية وأعطاها الحاسوب لتأخذه منه ببسمة متوسعة وسارعت بالتعبير بامتنان:-
"بجد مش عارفة أقولك إيه يا أمان! مكنتش عارفة هعمل إيه من غيرك دلوقتي!"

قاد السيارة وعيناه نظرت إليها، رفع كتفه في معنى أنه لا يعارض المساعدة وبنبرةٍ هادئة ظهرت فيها بحّة مميزة كان يتحدث بلكنة إنجليزية متقنة:-
"Always available to help, babe. 'متواجد للمساعدة دائمًا'."

كانت كلماته متقنة بالفعل فابتسمت بخفوت تعدل حجابها الأبيض تُعلِّق:-
"ال British accent 'اللكنة البريطانية' بتاعتك حلوة."

نظر إليها ضاحكًا يقول:-
"سيبتي Babe واللي قولته ومسكتي في إن ال Accent بتاعتي حلوة! ربنا يخليكِ يا ستي، متشكرين."