الفصل الثالث والأربعون (هيلب يور سيلف)

26.5K 1.7K 190
                                    

متنسوش تفاعلكم فضلًا♡.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليس من التناقض أن تفعل الحسنة بعد السيئة، فهو من الجهاد، وأشد الجهاد جهاد النفس.

قال رسول اللّٰه ﷺ: "اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا."

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

•(الفصل الثالث والأربعون)
•(هيلب يور سيلف)
•(أبناء هارون)

آهٌ.. تنبعث من الروح قبل الفاه، يُناجي بها الفؤاد قبل اللسان، تصرخ بها العيون قبل الحناجر، ويتوسل بها الشريد فاقدٌ للمأوىٰ!

بعد مرور شهران..

ضم "عمران" زوجته إليه وهو يكاد يبكي على حالتها التي ساءت فجأة، هو في لحظة وجدها تصرخ من الألم، كل إنشٍ في قدمها يتوسل الخلاص، روحها أُنهِكَت واستنزفت كل قوتها، ولأول مرة يشعر بذلك العجز، بكاؤها يخترق كل ذراته بسهامٍ مسمومة من الخوف، يرتعد هلعًا من فقدانها، أن يُحرَم من جنته التي زُجَّ بها بحضرتها، يكاد يجزم بأن دموعها انتقلت إليه حتى شعر هو بألمها، فمال على جبينها يلثمه برقة وهو يرجوها بكلماته:

_استحملي علشان خاطري، آخر مرة استحملي.

تهدج صوته يوشِك على بكاءٍ يكتمه بكل قوته، فيما عضت "جنة" على ثيابه بعنفوانٍ وهي تهمس من بين أسنانها التي كادت أن تتحطم من شدة ضغطها:
_مش قادرة يا "عمران"، والله العظيم ما بقيت قادرة.

ضمها إليه بأرق ما يمكن وأقسى ما يكون، حالتها تزداد سوءًا ولا مفر من جراحة عاجلة ترفضها هي، وكأنها ترى فيها لحظاتها الأخيرة في تلك الحياة! أغمض "عمران" عيناه بألمٍ وهو يستشعر أنفاسها التي هدأت حتى انتظمت بعد عناء، منذ ثوانٍ لا تُعَد كانت تصرخ ألمًا حتى تمزقت أحبال حنجرتها الصوتية، والآن بعد أن تسرب المُهديء إلى أوردتها حتى نامت أخيرًا.

أعاد "عُمران" جسدها للخلف لتنام براحة على وسادتها، لكنها شددت من الضغط على كفه بدعوة صامتة ألا يتركها وحدها، هبط على يدها يلثمها بحبٍ امتزج بخوفه الشديد، وسواس شيطانه لا ينفك أن يتركه فيُهيء له الكثير من السيناريوهات القابضة، استغفر بصوتٍ مسموع قبل أن تستقر عيناه على ملامحها الحبيبة، وكأنه يغرزها غرزًا داخل فؤاده، رفع أنامله ليتلمس وجهها بحنانٍ لا يُفارقه، وهُنا تشققت شفتاه بابتسامة باهتة، فبالرغم من الإرهاق الواضح على ملامحها إلا إنه يراها كأجمل امرأة رآها في سنون عمره كاملة، ومن مثلها "جنة"؟!

استقرت أنامله على جفونها المُغلقة وكأنه يدعوها لفتحهما مُجددًا، هي تخفي أسفلهما أجمل قمرين قد يراهما بشر يومًا، بتلك النظرة الآسرة التي تختصه به هو، لطالما كان يسمع عن حديث العيون، والآن أيقنها، بعد أن رأى داخلهما اللآلاف من كلمات الحب لم يبوح بها اللسان، وعند خاطره الأخير اتسعت ابتسامته أكثر، ليهمس بما يُشبه الوعد:

أبناء هارونKde žijí příběhy. Začni objevovat