الفصل الثامن عشر (وقع في شر أعماله)

19.4K 1.7K 1.4K
                                    

متنسوش تفاعلكم فضلًا.♥✨

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- ‏قيل لأحد الصالحين كيف أنت ودينك؟
‏فقال : كالثوب تمزقه المعاصي وارقعه بالاستغفار!

‏- أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

•(الفصل الثامن عشر)
•(أبـنـاء هــارون)
•(وقع في شر أعماله)

يكفيك هروبًا من ذنبٍ لستَ بفاعله، يكفيكَ بُكاءًا على الذين رحلوا، يكفيكَ تألُمًا على مُنافقٍ قد خان، أتشكو من رحيلِ الأحبةِ، أم من مكانةِ الفاعل؟ أتُحارب أخًا أم تُحارب هواءً؟ أتُجازف وحدك أم مع عذابك؟ فيا نفس تأدبي فالقلب يبكي، ويا روح لا تخنعي فالعمرُ فانٍ.

الألم، كل ما يشعر به في تلك الأثناء هو الألم الحارق في كفِ يده، يكادُ يُقسم بأنه غرز سِن ماديته حتى أخرجها من الناحية الأخرى، جز "بدران" على أسنانه بقوة نتيجة لتألمه، رفع أنظاره يُطالع الآخر؛ فوجد عيناه كنيران مُتقدة تشتعل قاسمة على الدمار، كان سيُقاومه ويدفعه بعيدًا، لكن الآخر باغته بوضع نصل ماديته على رقبته!

ابتلع "بدران" ريقه بريبة وهو يُطالعه بحذر، لا يعلم سبب تلك الحالة التي عليها الآن، يُهاجمه بكل قوته وكأنه عدوه اللدود، وإن كان هُناك معنى لِمَ يمر به الآن، فلا يوجد سوى الجنون، حاول "بدران" استجماع رباطة جأشه وقوته الواهية، ثم تحدث بصوتٍ خفيض يُغلفه الحذر:

_ابعد اللي في إيدك دا عني يا "مازن" وبطَّل جنان.

وكأنه لم يسمعه من الأساس، بل ظل مُوجهًا أنظاره إليه بحرقة وكأنه تسبب في فقدان عزيزٍ على قلبه، ارتعشت يدي "مازن" عندما استمع لنداء "بدران" الخافت مرة أخرى، تزعزع ثباته واهتزت أنظاره، نظر حوله على بغتة فانتفض مُبتعدًا وكأنه وعى لِمَ كان سيُقدم على فِعله، تحرك صدره صعودًا وهبوطًا بنهيج كمُصارع خرج من حَلبة المُلاكمة للتو، وحينما هدأ رمى ماديته وعاد لفراشه مرة أخرى بصمت، لكن عبراته كانت لها النصيب الأكبر في احتواء مشاعره.

كان "بدران" يُطالعه بعينين مُبثقتين يدرس بهما ردات فعله وانفعالاته الغريبة، ومن تشخيصه المبدأي لحالته، توصل بأنه يُعاني من الإنفصام!

لا يعلم إن كان تشخيصًا صحيحًا أم لا، لكن هذا ما توصل إليه نظرًا بأنه ولأول مرة يُبدي أي ردة فعل منذ أن وصل إلى هنا، انتبه إلى جُرح يده الذي اشتد ألمه، جز على أسنانه بوجع واتجه نحو الخزانة الموضوعة على جانب أحد الحوائط وفتحها ببطئٍ، ثم أخرج منها شاش وقطن وبدأ بلف يده بتمهل بعد أن طهرها، انقضت الدقائق وانتهى من تضميد جرحه، وبعدها استدار لذلك المتكور على الفراش يبكي بصمت.

أبناء هارونWhere stories live. Discover now