الفصل الرابع (وقعت في مأزق)

25.1K 1.7K 1.3K
                                    

متنسوش الفوت يا قمرات.♥🦋
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في حُزنك العتيم، ستجدُ من الله نورًا:
‏{فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ}♥️

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

•(الفصل الرابع)
•(أبناء هارون)
•(وقعت في مأزق)

تبدأ مُعاناة الإنسان الحقيقية عندما يعي، يُدرِك، ويتثقف، أحيانًا يكون الجهل نِعمة لا نقمة، خاصةً وسط مُجتمع مليء بالمنافقين، ومن هُنا تبدأ مُجازفته مع الحياة، مُجازفة إن استمرت طويلًا؛ ستقضي على طموحاته وأحلامه، بل من الممكن أن تقضي على حياته بأكملها.

يجلس في مكتبه الصغير على مقعد وثير، وهو يرتدي جلبابه التي تُزيده وقارًا، وأمامه رجلٌ في مثل سِنه تقريبًا ينتبه لِمَا يقوله من حديث، ارتشف "هارون" بضعة قطرات من الشاي، ثم قال بهدوءٍ رزين:

_وأنت عارف يا "حَج مِنعم" إن العيشة بقت صعبة على الناس كُلها، فمش هنيجي إحنا ونزود الطينة بلة فوق راسهم!

طالع "مِنعم" صديقه بعدم رضا وهو يقول:
_بس يا "هارون" الخسارة كدا ممكن تبقىٰ كبيرة، وإحنا عندنا عُمال في المجزر عايزين نقبَّضهم.

رد عليه "هارون" بقوله الواثق:
_وحق العمَّال محفوظ وهيوصلهم في نهاية كل شهر زي كل مرة.

علم "مِنعم" بأن الحديث معه لن يأتي بنتيجة، فحديث "يعقوب" واقتراحه لأبيه أعجبه بشدة، حين اقترح عليه بأن يُخفض من أسعار اللحوم عن بقية السوق لمُراعاة حالة الفقراء والغير مُقتدرين ماديًا، فاستقبل جميع التجَّار ذلك الخبر بالإعتراض والمقط، وآخرون بالغِل والحقد، وازداد ذلك حينما اتجه جميع السُكان لشراء اللحوم من جِزارتهم دونًا عن الآخرين.

وجد "هارون" وجه "مِنعم" عابس، فقرر التخفيف من وجومه بقوله الهاديء الممزوج بنبرة مُعاتبة أشعرت الأخير بالذنب:

_وبعدين يا "حَج مِنعم" أنا مش متعود عليك كدا، دا أنت أول واحد كنت بتساعدني لما الموضوع يخص الناس المحتاجة، جاي تعارضني في دي بالذات؟! حتى أنت شايف بعينيك أهو، بسم الله ما شاء الله ربنا مبارك في رزقنا وبيكرمنا من وسعه أكتر من الأول كمان، أنت إيه اللي مزعلك بقى!

شعر "مِنعم" بالحرج من عتاب "هارون" الغير مُباشر له، فرفع أنظاره إليه، ثم رسم ابتسامة صغيرة على ثُغره قبل أن يقول بود:
_معاك حق في كل كلمة قولتها يا "هارون"، الظاهر إن الشيطان عماني عن حق الناس الغلابة.

ابتسم "هارون" بسعادة مُربتًا على فخذه، ثم قال:
_وأنا معاك يا صحبي وهبعد عنك وسوسة الشيطان، زي ما أنت كنت بتبعده عني زمان.

أبناء هارونWhere stories live. Discover now