الفصل الخامس والعشرون (احتجزها بمنزله)

22.4K 1.6K 426
                                    

طبعًا الرواية اتوقفت عشر أيام تقريبًا نظرًا لما يحدث مع إخواتنا في فلسطين، متنسوش تدعولهم إن ربنا يرفع عنهم البلاء، وادعوا لصديقتنا يار إن ربنا يرحمها، استشهدت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

‏اللهم اجعل لأهل فلسطين النصرة والعزة والغلبة والقوة والهيبة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

•(الفصل الخامس والعشرون)
•(احتجزها بمنزله)
•(أبناء هارون)

يُقال أن لهفة اللقاء تُبدد جزع الشعور، خاصةً لو كان ذاك الشعور هو الشعور بالخوف، فبرغم مُحاولتك المُستميتة لتنحي كل هذه السلبيات جانبًا، إلا أن هناك غصة تظل عالقة بين دهاليز وحنايا فؤادك اليتيم، تُخبرك بفشلك بعد تجربتك للنسيان، فتغدو تُحارب سرابًا على وشك القضاء على الجزء المُتبقي من عقلك.

يُنفرها ذاك التخبط الذي هي عليها الآن أثناء وقوفها أمام "فادي" بنظراتٍ فضحت كُرهها ومقتها لوجوده، مُجرد رؤيته أمامها تُزيد من اشمئزازها منه، وللعجب تشمئز من ذاتها هي الأخرى، خاصةً عندما يقفز "يعقوب" أمام عيناها التائهتان فجأةً، بضحكته الآسرة، حنانه الآخذ، أُبوته العتيقة، وإحتوائه لُحزنها، حتى نظرته التي تفضح عشقًا خفيًا لم ينطقه لسانه، كل هذا يُثير الندم داخلها وهي تتيقن بأنها تُخفي عليه كارثة بالمعنى الحرفي! لذلك اصطبغت نبرتها بالسخط حينما ثبتت أنظارها على "فادي" وهي تقول:

_أنت مبتزهقش؟ قولتلك مش هعمل اللي أنت عايزه ومش هخون ثقة "يعقوب" فيا أبدًا. 

صوتًا ساخرًا خرج من بين شفتيه أتبعه قوله المُتهكم:
_بجد والله؟ وأنا المفروض بقى أصدقك وأبعد عنك وأقول نزوة وخلصت! لأ يا "ذكرى" أنا مبنساش حاجة تخصني أبدًا، وأنتِ تخصيني.

_كـنـت.

تفوهت بها بانفعالٍ جَلي انعكس على تنفُسها العنيف واحمرار عينها بدموعٍ احتبست الأسى داخلها، لكن النيران الهائجة اندلعت داخل فؤادها بحريقٍ هائل لم يُرىٰ، وذلك بعد أن تعمّد تذكيرها بماضيها المُرتبط بخاصته، وصمة عار ستظل تُلاحقها إلى الأبد في تاريخ حياتها إن لم تتخلص من تلك الذكرى، وأمام ثورتها تلك تحدث بلامبالاة ردًا على حديثها:

_دا بالنسبالك أنتِ، لكن بالنسبالي أنا فحكايتنا لسه مخلصتش لحد هنا.

أغمضت عيناها بقوة بمزيجٍ من السخط والحسرة، قبل أن تفتحهما مُجددًا وهي تقول بنبرة حافظت على قوتها المعهودة:
_خِلصت، كل حاجة ربطتنا خلصت وانتهت، كل اللي حصل صفحة سودة وقطعتها من حياتي، مش هسمحلك تبوظ حياتي يا "فادي"، صدقني هدمرك.

أبناء هارونWhere stories live. Discover now