الفصل الثامن والثلاثون (وقعت بشر أعمالها)

21.2K 1.6K 361
                                    

المشهد الأخير ممكن تتجاهلوه وتقرأوه الصبح لو بتخافوا♥

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قيل لأحد الصالحين ما سرُ السكينة التي تحيط بك؟ فقال قرأت قول الله تعالى: ﴿ يُدَبِّرُ الأَمْرَ ﴾؛ فتركت أمري لصاحب الأمر، وقرأت قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا )؛ فأيقنت أن العسر زائل بلا شك، وقرأت قول الله تعالى: ﴿ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾؛ فأدركتُ أن خير الله قادم لا محالة."♥️

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

•(الفصل الثامن والثلاثون)
•(وقعت بشر أعمالها)
•(أبناء هارون)

أنا هُنا حينَ يخذُلكِ الجميع وينبُذكِ بَنو البشر، أنا هُنا أُعانقكِ بروحٍ تغدو تُحلِق بعد أن أرى ابتسامتكِ، أنا هُنا لأضُمكِ بين أحضاني واحتجزُكِ داخل أضلعي، أنا هُنا أُصبِح كالتائه الشريد عِند ابتعادكِ، وأجد مرساي بعد أن تطُلي، أنا هُنا حينما تكونين هُنا، وأتلاشىٰ بعد أن تذهبي!

أخذ "حمزة" _زوجته_ بعد أن استأذن من والده ليذهبا قليلًا، أخذها لمكانٍ نائي اختاره خصيصًا لمثل تلك اللحظة، احتفظ بمشاعره ليستطع البوح بها في مثل ذلك المكان وبتلك السرية، وهي تاهت به ولم تتسائل حتى إلى أين سيذهبا، يكفيها وجوده جوارها، يكفيها أمانًا واستقرارًا، ذلك الدفئ الذي يجتاحها عِند وجوده يُعطيه الحق في خطفها إن أراد.

شعرت بتوقف السيارة فنظرت حولها من النافذة علَّها تستكشف المكان لكن الظُلمة كانت هي المُسيطرة، عادت بأنظارها إليه وسددت له بصرها بتساؤل صامت بعينيها المكحلة لكنه لم يرد بما يُطفيء فضولها، وإنما استند بمفرقة الأيسر على مِقود السيارة وتسائل بنظراتٍ هائمة تعكس عشقًا مدفونًا داخله:

_الكُحل مبروز عينيكِ، شكلك يسحِر!

ابتسمت عيناها قبل ثُغرها فضاقت تزامنًا مع زيادة لمعانها، كانت تلتمع بشغفٍ مصبوغ بحبٍ ساحق، باتت مُتعلقة به كالطفلة، تخشى ذهابه وهُجرانه، وتخشى قسوته بعد اطمئنانٍ، لكنه وعدها بعدم التغيُّر، وعدها بأن يكون أباها الذي حُرِمَت حنانه وتجرعت مرارة قسوته، فكما العادة تُخبره بـ"أنا خايفة يا حمزة"، فيُجيبها بعشقٍ ينطقه نبرة صوته "أنا هطمنك يا رضوى".

كان هو أول مَن يقطع الصمت الدائر حينما ترك مكانه وهبط من السيارة ليستدير سائرًا للناحية حيث تجلس هي، ثم فتح باب السيارة وجذبها من الداخل لتكون مُحاصرة بين السيارة وأحضانه، ابتسمت وصعدت منها ضحكة خافتة بعد أن قرَّبها منه أكثر وقال بمراوغة:

_مجهزلك مفاجئة حلوة زيك.

اتسعت عيناها بشغف وتسائلت بنبرة مُتلهفة:
_مفاجئة إيه؟!

أبناء هارونWhere stories live. Discover now