١٨

407 30 1
                                    

مرت الخطوبة سريعا .. لكن "صوفيا" مازالت شاردة فيما حدث ، أيعقل أنه لم يتعرف عليها انها صاحبة يوم الحادث !..
ابتسمت ابتسامة خرقاء لترى أفعال الأقدار بها فهي لم تدرك يوما أن تقع في هذه الورطة . تشتم رجلا ثم تقع رهينة شرف بين يديه
...ولكنها وجدت اطمئنانا مخفيا بين طيات قلبها اتجاهه ،لقد نامت أخيرا بعد أرق دام لأسابيع طويلة..

لقد كانت عكس" أم أدهم " تماما التي اختفى النوم من جفونها فباتت في دوامة قلق وتفكير
كيف لابنها المتدين أن يخطب إمرأة كهذه ..
لقد شعرت بالريبة الشديدة اتجاه هذه الفتاة
...زفرت الهواء بهدوء لتقوم من فراشها متحهة الى حجرة ابنها.. لتجده قد فرش سجادته ليشرع في الصلاة لتقاطعه بسؤالها الذي طرحته دون اي مقدمات..

"لماذا هي ؟

كان السؤال كضربة قلب عليه، ليتعلثم لسانه في الجواب وتتضارب دقات قلبه كأنها في سباق سريع ..فهي والدته وتستطيع أن تكشف الحقيقة من الوهم عن طريق بريق عيناه فقط!

كان سكوته عبارة عن اعتراف دون اعتراف!..
يعني أنه قد اعترف بحدوث شيء مريب بسكوته دون أن يصرح ذلك لسانه..
لتصرخ والدته بقلق

..."أيعقل يا أدهم! أنت التقي النقي!!
المصلي المزكي! تقوم بأمر كهذا!!!"

اعتلى الذهول ملامحه وقال بنبرة متقطعة ..
"م مماذا ...لا يا أمي لا تدعي الأفكار الغريبة تتسارع الى ذهنك"

جحظت عينيها وطأطأت رأسها بفزع  ...
"لماذا ياولدي قد غرتك الدنيا ! ألست العبد الزاهد !"

وضع يده على جبهته يحاول أن يشرح لوالدته الأمر بطريقة جيدة .. وماهي لحظات حتى قاطعتهما ريحانة التي أيقظاها بصوتهما العالي ..وهي تفرك عينيها من النعاس
"مالذي يحدث يا أمي لما تتشاجران"

أشارت السيدة أمينة سبابتها نحو ابنها وقالت
.."إن أخاك ياابنتي قد خطب فتاة لأن.."
صرخ أدهم بصوت قاطع جملتها.. .
وأمر اخته بالذهاب الى حجرتها

ولكن الأم غضبت لتصرفه لتصرخ بصوت أقوى من الاول  ..

"ولماذا تريد اخفاء الأمر عن اختك !فهي ستعرف عاجلا أم آجلا!"

لتقول ريحانة بقلق  .
"أعرف ماذا ولكن مالذي يحدث!!"

.."إن أخاك يا ريحانة قد اختار فتاة من أجل مال أبيها!"

وضع أدهم يده على قلبه الذي كاد ينفجر
ومسح حبات العرق التي تجمعت على جبهته
فقد شعر للحظة أن أمه قد أدركت حقيقة صوفيا وزواجه منها بغية سترها فقط..
٠
'وماذا في ذلك يا أمي أن يتزوج أخي فتاة من اجل مال ابيها !أليس المال زينة الحياة الدنيا"
ضحك أدهم ممن رد اخته الغير متوقغ والذي اغلظ والدتها كثيرا  ثم هز كتفيه بعدم لامبالاة ..
"أليس يا أمي تنكح المرأة لأربع ومن بينهم مالها؟"

زفرت الهواء من رئتيها وجلست على طرف السرير وقد وضعت كفها على جبينها
.."إنني أريد الخير لك فأنت طفلي الوحيد ..

حمحمت خلفها ريحانة لتعدل كلامها مرة اخرى
  ..."وانتي طفلتي الوحيدة أيضا
..
..."ستحبين "صوفيا"يا أمي فهي فتاة طيبة ثم إننا سنعلمها على تقاليد عائلتنا وقواعد بيتنا لاتقلقي. "
..
..."آمل ذلك فلم تعجبني طريقة عيشهم أبدا فهم مختلفون عنا كثيرا!!"

"اعلم يا أمي لاتقلقي سيكون كل شيء على مايرام ما إن تأتي العروس عندنا وسنعلمها على كل شيء"

-----

لقد كان الأرق صديقا لأدهم في هذه الليلة حيث لم يكف عن التفكير أبدا في صوفيا ..
أيعقل أنه سيتزوج بهذه الطريقة بعدما كان يتمنى أن يظفر بذات الدين ..
ثم يطرد أفكاره ويصرفها فهو سيتزوجها زواجا مؤقتا ظاهريا امام الملأ ولن يحدث بينهم شيء .. ثم جاءه التفكير تارة أخرى وهو يخمن كيف سيكلمها ويبادلها الحديث وينام معها في نفس الغرفة ..
ثم قام فزعا وهو يردد في عقله جملة " في نفس الغرفة!!"
افرغ الهواء من رئتيه وقد وجه أنظاره للأرضية يخاطبها ببلاهة .."لابد أننا سنلتقي كثيرا "..
وضع جسده على جمبه الأيمن وطرد كل الافكار من عقله ثم غط في نوم عميق.

لقد أبغضت السيدة نوال عائلة أدهم واحتقرتهم بشدة مما جعلها تثرثر على مسامع زوجها
"ألم تجد غير هذه العائلة لتناسبها . فهم ليسوا من مستوانا الاجتماعي"

عض كمال على شفتيه بغيض وغضب ..
"بل نحن من لا نناسبهم ! أرأيت وقارهم وحياءهم ونعم التربية ولله!"

وقفت بكبر وصرخت .."هل تعني أننا فاسقون يا كمال !"
..:" نعم أعني هذا وبئس الزوجة أنتي وبئس التربية"وغطى وجهه باللحاف متغاضيا اكمال خوض الحديث معها ..
ولكنها أشاحت عن وجهه الغطاء بغضب 
"إسمع! لن أسمح لك بإهانتي أبدا .. ثم إن المجتمع لا يدري بما حدث أبدا ، لذلك هم سيرون رجلا ارهابيا يعمل في شركتنا من عائلة فقيرة أن يخطب ابنة الملياردير الوحيدة طمعا وجحودا!"

تأفف من أسلوب كلامها وقال بغضب..
"إن لم تخرسي فأجعل المجتمع يتحدث عن طلاقك !"

وما إن سمعت تهديده المعتاد حتى لملمت فراشها وذهبت الى غرفة اخرى لتغلق الباب عليه بقوة وهي تمتم بالشتائم والسب .

كانت ليلة مابعد الخطوبة مليئة بالمشاعر المتراكمة حقا ! كل منهم في دوامته الخاصة ولكن جل ما كان يهم السيد كمال .. هو نوم صغيرته الهادئ هذه الليلة ..  أبعد خصلات شعرها التي خبأت ملامحها وقبلها على جبينها ، لقد أراح قلبه وزيح همه أخيرا لينام هو أيضا في سلام بجانبها

حبيبي المتديّن!♡Where stories live. Discover now