١٠

539 38 2
                                    

لقد كانت ضيافة السيدة"نوال" في غاية الفخامة والرقي حيث حلت عليها السيدة"دنيا" وابنها "محمد" ضيوفا عليها..
وضعت "دنيا" كوب الشاي ووضعت قدما على قدم وتقول بصوت مصطنع..

"إن زوجي قد اشترى لابننا محمد يختا فخما جدا لا يملك مثله الا القلة في البلاد"
ابتسمت السيدة "نوال" ابتسامة مصطنعة وكأنها لاتطيق أحدا أحسن منها مرتبة في الإسراف ودفع المال.
"إن صوفيا لاتطيق اجواء البحر ولو كان غير ذلك لاشترى لها والدها يختين بدلا من واحد"

ردت على ذلك السيدة"دنيا" مع ابتسامة تكاد تفضح غيضها ..
"وماذا تحب عروستنا الجميلة. فإن مطالبها جميعا ستلبى فإبني محمد يستطيع أن يشتري لها دولة بأكملها!"
..
ربت "محمد" على كتف والدته من الصدمة وقال بصوت متهكم...
"تقصد أمي أن لاشيء سيكون أغلى من صوفيا عندي'"
ورمق والدته نظرات غريبة كأنه يحاول أن يخبرها أنه ليس جالسا في مزاد عالمي لشراء أرض على ضفاف المدينة!

ضحكت السيدة نوال من تبرير"محمد" وأردفت..
"بالطبع سيكون تعبير والدتك مجازيا فمهما بلغت ثروة والدك لن يفوق ذلك ثروتنا "
وختمت عبارتها بضحكة مستفزة كادت أن تنفجر لها السيدة دنيا ..
قاطع جوهم صوت قرع الكعب على الأرضية منبعثا من أعلى الدرج ..
لقد كانت "صوفيا" بثوب أسود يصل الى أسفل ركبتيها حيث فردت شعرها الطويل على ظهرها مع كعب أسود يلمع من بعيد تعتيلها حمرة مكياج خفيفة على وجنتيها وقد برزت عينيها  من كحل قد زاد حجم جمالها.
لقد باتت أجمل مما كانت عليه في حفل الخطوبة.
فتح"محمد" فاهه من دهشة الجمال الذي يراه أمامه حيث تحركت اوصاله وبات لايستطيع ابعاد ناظريه عنها بل كان يتبعها حتى وصلت عنده لترمي كفها نحوه تسلم عليه بنفس باردة..
"مرحبا بكم"
..
"أهلا بعروسنا الجميلة • لقد زدت جمالا فوق جمالك قد تجلطين ولدي يوما ما .."
..
ابتسمت باصطناع لمجاملة المرأة.
..
وأمسو يتبادلون أطراف الحديث فقد كان جل حديث "دنيا" عن أيام صباها وأيام زواجها الأولى حيث أردفت تحكي قائلة..
..."لا زلت أتذكر أيام زواجي الأولى ،كنت عروسا مهوسة بالجمال، أقضي جل  وقتي في التزيّن والتبرّج بالمساحيق و ارتداء أجمل الثياب إلى أن جاء ذلك اليوم  وأمسك زوجي بأناملي التي كانت تنتهي بأظافر طويلة جدا و مطلية بالطلاء الأحمر ، ونظر في عينيّ بحبٍّ وقال لي:

هل تعلمين يا حبيبتي أنني أشتهي تذوق البغرير** من هاتين اليدين الجميلتين  لأتعرف على هذا الجمال الربّاني ماذا يخفي وراءه من إبداع.

كان زوجي المسكين يشتهي أكل البغرير لأنه لم يتذوقه منذ مدة طويلة جدا بحكم حياة العزوبية التي أجبره العمل على أن يعيشها بعيدا عن أهله.

اشتّدت عزيمتي و شمّرت على سواعدي وقمت بخلط الطحين والماء والملح و دعكت العجين جيدا بأكفافي دون أن أضع خميرة الخبز ظنّا مني أن وصفة البغرير لا تحتوي على الخميرة لأنني لم أحضره أبدا ، حتى أنني لم أدخل المطبخ يوما قبل زواجي ، بالطبع فأمي هي السبب، كانت تدللني كثيرا ولا تسمح لي  بأن أتعب نفسي مطلقا ، قد كانت هوايتي الكتابة والتلذذ بأطباق أمي الشهية فقط .

حبيبي المتديّن!♡حيث تعيش القصص. اكتشف الآن