1- رُبما.. اللقاء الأول.

13.8K 294 80
                                    

-الخامس والعشرون من يناير.
-معرض القاهرة الدولي للكتاب.

وقفت على أعتاب القاعة الّتي ستوقع بها روايتها السادسة، ابتسمت بانتصار على خوفها من التقدم وحرّكت عينيها المكحلة بسوادٍ أعطاها بريقًا مميزًا موضحًا شعاع الضوء العسليّ المنبعث منها والمُحاط بإهداب كثيفة فأضفت ظل محبب يغطي ضوء مليء بالفخر.

رمشت عدة مرّات وهيَّ تنظر حولها ببسمة سعيدة، لم تلبث ثوانٍ فعدّلت من وضعية حجابها الأبيض وأعطت حقيبتها السوداء لأختها الصغرى وهيَّ تتمتم بينما تسير مبتعدة:-
"خلي شنطتي معاكِ.. هشتري عصير وجاية، أجيبلك حاجة معايا؟"

ظلت أختها تعبث في الهاتف بتركيز وهيَّ تومئ بالنفي فأكملت الأخرى سيرها نحو إحدى محلات البقالة القريبة، دلفت وهيَّ تدعي ربها أن تجد العصير المفضل لديها وكانت كذلك حتى وقفت أمام ثلاجة العصائر تبحث عن مقصدها.

وقف بجوارها يبحث عن شيء هو الآخر ولكنها لم تنتبه له حتى امتدت يد كليهما ليمسكا عبوة العصير ذاتها والّتي لاحظت هيَّ أنها الأخيرة، رمشت بعينيها ومازال كلاهما يمسك بذات الشيء حتى نظرت إليه لتجده هو الآخر يرمقها ببسمة طفيفة وقد أبعد يديه عن عبوة العصير وقال بهدوء:-
"أتفضليها.. أنا هاخد حاجة تانية عادي."

نظرت للعلبة بحرجٍ ورغم أنها كانت تريدها بشدة تمنعت بأدب وهيَّ تعطيها له:-
"لا أتفضلها حضرتك كنت عايزها من قبلي.. أنا هشتري حاجة تانية خلاص."

تناول علبة أخرى من نوعٍ آخر وابتسم لها هاتفًا قبل مغادرته:-
"مفيش مشكلة، أنا عارف إنك بتحبي عصير الخوخ.. أتفضليها أنتِ."

قطبت حاجبها باندهاش متسائل ولكنه غادر قبل أن يجيب عن سؤالها الذّي لم تسأله من ذهولها، وقفت للحظات أمام الثلاجة وعينيها مازالت معلقة عليه وبداخلها تساؤل متعجب لا يتركها ولكن رفضت العبارات عن البوح به فبقى في عقلها:-
"هو عرف إني بحب عصير الخوخ منين!"

لم تعطِ الكثير من الوقت لإفكارها وغادرت هيَّ الأخرى بعد ما دفعت ثمن ما ابتاعته وعادت ثانية للقاعة المخصصة ليومها المميز، دقائق وكانت تتوافد ناحيتها الكثير ممّن يريدون شراء روايتها، انهمرت عليها العبارت المباركة والمادحة إياها لتقابلها هيَّ ببسمة خجولة وعبارات ممتنة بالشكر.

في نهاية اليوم، كانت قد أُرهِقت من وقفتها وخاصة بعد مغادرة أختها الصغرى فبقيت هيَّ وحيدة لفترة فأخذت تستريح على إحدى المقاعد القريبة بتعبٍ وسرعان ما حزنت ملامحها عندما تذكرت أن آخر عبوة عصير كانت قد اشترها من قبل ولن تجد اليوم منها عبوة أخرى.

اخفضت بصرها بتنهيدة متعبة، وقعت عينيها على يد تمتّد لتضع على الطاولة أمامها عبوة من المشروب المفضل لديها لتتوسع عينيها بسعادة مندهشة وهيَّ ترفع عينيها لتتقابل مع أعين الشاب الّذي قابلته صباحًا فتذكرته فورًا..

أشباهُكِ الأربعون.Όπου ζουν οι ιστορίες. Ανακάλυψε τώρα