٦-لغة الملوك.

2.6K 247 80
                                    

أنفاسها تُسحب... مشاعر قديمة تشعر بها الآن للمرة التي لا تعلم عددها...ظلام تغرق بهِ...صرخات طفلة صغيرة تجسدت أمامها وهي ترى تلك السيدة تنهال على الفتاة بالضربات غير مهتمة بصرخاتها المتألمة وتواسلاتها على التوقف حتى إستسلمت الصغيرة لِـ ضربات الأخرى وهي تغلق عيناها الصغيرة بوهنٍ

لحظة والثانية إستيقظت منتفضة وهي تصرخ بفزعٍ وصدرها يعلو ويهبط بإنفعالٍ، لتجد الجميع يحاوطها بنظراتٍ متسائلة، ليخرج "يزن" عن صمته وهو يسأل بقلقٍ بالغ:
_أنتِ بتصرخي كدا ليه يا حبيبة؟

هزت رأسها يمينًا ويسارًا وما لبست دقيقة حتى أجهشت في بكاءٍ مرير نظر لها الجميع بأسفٍ غير قادرين على فعل شيء، بينما رفع "يزن" يده دون إرادة منه وهو يربت على ظهرها بحنانٍ وهو يقول:
_أهدي يا حبيبة أنا معاكي...ايه اللي حصل خلاكي بتعيطي كدا؟

تنهدت بحزنٍ وهي تمسح الدموع من عيناها..كم بدت لطيفة في نظره في تلك اللحظة!!
تحدثت وهي تنظر لهم جميعًا وهي على مشارف البكاء مرةٍ أخرى:
_حلمت بيها كانت بتضربني زي ما بتعمل على طول فضلت تضربني لغاية ما وقعت وهي لسة مكملة

تدخلت "سارا" وهي تسأل بفضول:
_هي مين؟

إرتجفت شفتاي الأخرى ليحاوط "يزن" ذراعيها دون تردد وهو يربت عليها ويقول:
_إهدي يا حبيبة دا مجرد كابوس...لو مش عايزة تحكي براحتك إحنا معاكي...مش أنتِ واثقة فينا صح؟

أومأت له وهي تسرد عليها ما قصدته بنبرة متقطعة أثر البكاء

(قبل أعوام كثيرة)

فتاة صغيرة لا يتعدى عمرها الخمس سنوات تجلس بين السيدات وأصوات النحيب والبكاء يملئان المكان
لا تعي لشيءٍ مما يحدث حولها فقط تنظر لهم وهي تبحث بعيناها عن والدتها لعلها تجدها بعدما إستمعت لهم يقولون أنها قد ماتت!

حديث لم يستطيع عقلها الصغير إستيعابه، رحل الحاضرون واحد تلو الآخر حتى بقى عمها و زوجته وقفت زوجته أمامها وهي تقول بنبرةٍ قاسية غير عابئة للطفلة التي ترتجف من البكاء طالبة والدتها:
_بصي يا بت أنتِ أنا لو عليا أرميكي في الشارع من غير ما أفكر حتى بس اللي ما يتسمى مش هيوافق

في هذه اللحظة دلف عمها وهو يقول بودٍ مصطنع:
_ايه يا حبيبة بتعيطي ليه؟

مسحت دموعها بكفيها وهي تقول بنبرةٍ متقطعة من البكاء:
_أنا... أنا عايزة ماما وبابا

إقترب منها وهو يقول بإبتسامة صفراء:
_بصي يا حبيبتي ماما وبابا خلاص مبقوش موجودين سافروا عند ربنا ومش هينفع يرجعوا تاني

مع كلماته زاد بكائها أكثر لتقترب زوجة عمها وهي تقول بنفاذ صبرٍ:
_شوف يا عبدالرازق أنت تكلمها باللين هتعيط وتتعوج سيبهالي أنا بقى هعرف أسكتها

لم تعطيه فرصة ليتحدث وهي تسحب "حبيبة" من يدها وتدخلها غرفة مظلمة وهي تنهال عليها بالضربات غير عابئة بصرخاتها التي كادت تمزق حنجرتها الصغيرة ظلت تضربها حتى خارت قوى "حبيبة" تركتها وخرجت من الغرفة ثم أغلقت الباب خلفها تاركة إياها تبكي حتى إستسلمت للظلام حولها وأغلقت عيناها بوهنٍ

لِـعبة العُـصور ✓Hikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin