الفصل الثالث والعشرون

Start from the beginning
                                    

بدأت العاملة تعرض لهم ما يناسب مرام من حيث الشكل والقياس، حينها تركت مرام كف زوجها وسارت مع الفتاة كي ترى ما يلائمها، فقرر نُصير أن يجلس على أقرب مقعد وقد أبلغه حدسه تن وجودهم في المتجر سيستغرق وقت أطول مما ظن.

وكان حدسه صادق تمامًا.. فمضت خمسة عشر دقيقة ولازالت مرام تقف مع الفتاة وتنظر للفساتين الملونة التي عرضتها لها الأخرى.. وكانت تتبادل معها حديث خافت ام يصل لنُصير الجالس على مسافة منهن.
وحتى لو كان صوتهما مسموع لن يسمع، فعقله كان غائب في نقطة ما بعيدة عن حاضره.
ولكن هذه المره لم يكن غارق في افكاره السلبية فيما يخص مرام.. لقد حسم الأمر داخله أنه سيكون زوجها ورجولها الذي يحميها بكل ما يملك.. لن يبخل عليها او على نفسه بوجود مشاعر حميمة وحياة زوجية مستقرة
لقد اختار أن يعطي زواجهما فرصة حقيقة.. هي امرأته ولا شيء في دنيا يستطيع اثبات العكس.. حتى لو كانت النسخة الأخرى منها.

تأمل جانب وجهها وهي تضحك بخفوت وحياء على اطراء الفتاة على جسدها وأن كل شيء يلائمها وكأنه خصص لها... ورغم أن تلك الجملة مجاملة تسويقية كي تبيع الفتاة لهم أكثر قطع ممكنة.. ولكنها كانت محقة
مرام امرأة يليق بها كل شيء.. لازالت شابة جميلة في مقتبل عمرها، ذات جسد يغويه ووجه يعجبه.
لو رأها للوهلة الأولى دون أن يعرفها، لن يصدق انها امرأة سبقت لها زيجة وانجاب طفل.
بل تبدو كفتاةٍ عابثة تلف قلوب الرجال حول اصبعها في حياتها، وتموت عذراء دون أن ينجح أحد في مساسها.

خرج من شروده وهو يراها تقف أمامه وتعرض له ثلاث فساتين نجحوا في اجتذاب انتباهها وقررت قياسهم فقالت بحماس...
-(يوجد هنا غرفة للقياس، ما رأيك لو نراهم أولا !)

حرك رأسه نافيًا وهو يقف من جلسته قائلا بهدوء...
-(لا قياس خارج المنزل، خذي ما تشائين وأنا سأبدل ما لا يناسبك فيما بعد)

انطلق صوت الفتاة العاملة وهي تدافع عن غرفة القياس بكل ما تملك من قوة...
-(لا شيء يُقلق من تبديل ملابسها هنا، لا يوجد كاميرات مراقبة او شيء يفضح خصوصية الـ..)

قاطعها نُصير بصوت حاسم رغم ما فيه من لين وتفهم...
-(لا أشكك في امانتكم، ولكن لا أحب أن تبدل زوجتي ملابسها خارج المنزل)

نظر نُصير لمرام التي خبى الحماس عن عيونها وبدت ترمقه بنظرات منزعجة مخلوطة بأخرى لم يفهمها
وقد بدت مستعدة للجدال معه ومقاتلته حتى يوافق على رغبتها فقالت بإصرار وعناد غريب على شخصيتها معه...
-(تستطيع أن تدخل وتعاينها بنفسك قبل أن أدخل.. لقد أكدت الفتاة أن لا يوجد شيء يستدعي الرفض، وأنا أريد قياسهم قبل الشراء)

حسنًا لقد بدأ الربيع ينجلي
هكذا أخبرت نفسها وهي ترى نظرات اللين والهدوء تنقشع عن عيون نصير، وتحل محلها أخرى حادة زاجرة
على ما يبدو أن زوجها لا يتقبل  كلمة " لا " في نقاشهما
وهذا ما أكد لها أن نصير لم يكن رجل هادئ الطباع كما ظنت.. بل هي التي لم ترى باقي جوانبه بعد.

(غصونك تُزهر عشقًا) Where stories live. Discover now