الفصل الثامن 2

3.6K 311 23
                                    

الفصل الثامن "الجزء الثاني"

كانت تقف أسفل أحد البنايات المجاورة للطريق.. تعلوها لافتة تُحذر من الوقوف في تلك البقعة، لأسباب تخص السلامة والطريق.. ولكن فاتن كعادتها ضربت بكل شيء عرض الحائط ووقفت تنتظره بصبرٍ نافذ، وتوتر كبير.

كانت ملتهفة لرؤيته، وامتزجت لهفتها مع مشاعر عديدة اكتنفتها منذ أيام.. كانت متوترة من لقائها بالمنتج.. ومشتدة الأعصاب بسبب الأجواء الحالكة الي تعيشها في منزل والدها الذي يتصرف بعصبيه وقلق يؤثران فيهم جميعًا.
لم تجد الراحة معه بسبب انفعاله الدائم على اختفاء مـرام وتجاهلها لإتصالاته.. كان يمر بحالة لم تستطع فاتن فهمها
وحينما حاولت الاستفسار من مرام عما عرفته في منزل أل غانم.. لم تعطيها كلمة مفيدة،وأكتفت بالقول، أن الخطأ خطأ، فايز رحمه الله.

ولكن توتر والدها وتمتماته الغير مفهومة تخبرها أن الامر لا يقتصر على فايز فقط.. ما يحدث أكبر بكثير مما هو واضح أمامها.
وليتها تعلم الحقائق وتنتهي تلك الحيرة والتوتر.
حالة والدها تجاوزت الحد المعقول، حتى أنه كاد يمنعها من العمل السينمائي التي حصلت عليه بأعجوبة، كان يبرر رغبته بأنه يود حمايتها، كي لا يلاحقونها كشقيقتها

كانت كلماته مبهمة غير مفهومة.. كان كم فقد عقله واتزانه، خاصة كلما ذُكرت عائلة أل غانم في منزلهم.
تنهدت تخرج تعبها النفسي والجسدي في زفرات متتابعة
تود لو تغمض عينيها وتفتحها لتجد أن كل الصعوبات اختفت.. يختفي كل شيء يخص أل غانم.. فيما عدا عبدالعزيز.

ابتسمت من الخاطر الذي داهمها.. واتسعت ابتسامتها أكثر حينما رأت سيارته تقترب منها، وقد خرج من خيالها الأن وقبع أمامها.
كعادته يرتدي بذلة رسمية بقميصٍ أبيض، حرر أول ازراره وبرز عنقه ومقدمة صدره منه.

ومن هيئته المرهقة ادركت أنه كان يعمل قبل أن يأتيها
لذا تحركت سريعًا لسيارته، وفتحت الباب، وجلست على المقعد المجاور له، بعدما تمتمت بنبرة هادئة تحمل شرارات حماسها لرؤيته...
-(مرحبًا يا رشدي أباظة)

لم يبادلها بسمتها، بل عاود القيادة بعدما صعدت جواره، وغمغم بصوتٍ مرحب هادئ...
-(مرحبًا أنسة خضراء)

ضحكت على اللقب الذي كان يغضبها سابقًا
وأخذت تثرثر في أشياء عديدة تافهة، كانت هي سبيلها لدحض الصمت إلى أن يصلوا لمكتب المنتج.
                                ***
انتهى لقائهم مع المنتج أخيرًا.. لسبب ما كانت الجلسة مشتعلة بشكلٍ خفي، التوتر يسود الأجواء.. والتحدي هو سيد الموقف..ولسبب مجهول، شعر عبدالعزيز أن المنتج لم يحب وجوده..وبدأ يلقيه بنظراتٍ نارية غاضبة حينما بدأ يُناقشه في العقد.

ولكنه لم يُبالي لا بنظراته ولا بغضبه.. وتابع ما يفعله دون أن يلقي بالا لأي شيء سوى مصلحة الجالسة جواره.
كانت لا تتحدث إلا قليل وتترك له المجال كي يتحدث نيابة عنها، ويطرح التساؤلات التي توصح موقفها من العقد، ورغم توتر الجلسة إلا أنه استطاع الخروج بعقدٍ سليم يضمن لها حقها الان وفي المستقبل

لذا باغتته بصوتٍ ممتن رقيق حالما خرجوا من مكتب المنتج فقالت...
-(لا أدري كيف أعبر لك عن شكري يا عبدالعزيز، لولاك لكنتُ حائرة في أمري)

كان من الغريب أن تتحدث فتاة في التاسعة عشر من عمرها، دون رسمية أو تكلف لشخص يكبرها بثلاثة عشر عامًا كاملة.. ولكن فاتن تجاهلت كل حدود الرسمية وصارت تحادثه وكأنه جزء من العائلة، أو صديق حميم لها
تجاهل أفكاره وهو يتجه نحو سيارته قائلا بهدوء...
-(لا داعي للشكر.. بالتوفيق في مستقبلك)

اختفى امتنانها حينما بصرته يتجه نحو السيارة ويستعد للمغادرة.. فعقد جبينها مستنكرة وتبعته بسرعة وهي تغمغم بحيرة واضحة...
-(انتظر، إلى أين تذهب.. ألم نتفق أننا سنذهب لأي مكان لتناول القهوة والحلوى)

كان ينوي الرفض والانسحاب من أمامها فورًا، كل ما يهمه أنه فعل ما يستطيع فعله ليساعدها في مسألة العقد، ووجودهما سويًا من دون سبب مقنع يُعد عبث.. خاصة وهو يرى تلك النظرة الملهوفة في عينيها.. شيء ما داخله حذره من الصغيرة وأحلامها التي لا تنتهي.
جاء صوتها مره أخرى يبدد سكونه وهي تعاود القول برقة هادئة كي تقنعه...
-(إن كنت لا تحب الحلوى، سأترك لك القهوة وأخذ أنا الحلوى.. أعلم مقهى ممتاز في الجوار.. هل نذهب !؟)

إلحاحها ونظراتها الواسعة جعلته يوافق على مضض ويذهب معها.. ورغم رغبته في الرحيل، إلا أنه شعر بحاجتها للجلوس معه والحديث.
كانت فاتن مختلفة عن المرات الثلاثة التي رأها بهم.
اليوم كان وجهها مختلف، رغم أناقتها الزائدة، وطلتها البهية، إلا أن القلق كان يسكن عيناها، الشحوب وضع بصمته على وجهها.. وظلال رمادية بسيطة بدت أسفل عينيها.

وصلوا للمقهى المنشود وسارت أمامه لأحد الطاولات، التي تقبع جوار حائط زجاجي يعكس الطريق المليء  بالسيارات السريعة.. كادت تجلس، تفاجئت بـ عبدالعزيز وهو يسحب الكرسي ويشير لها بالجلوس، في لفتة غريبة لا تراها سوى في ساشات التلفاز.
عقد حاجبيها منبهرة وهي تجلس وتنظر له باسمة بخجل..
-(أنا لا أرى هذا التصرف سوى في الأفلام القديمة)

جلس هو الأخر على المقعد المقابل لها بعدما وضع هاتفه أمامه ومفاتيح سيارته، فقال دون انتباه...
-(أي تصرف ؟!)

اتسعت ابتسامتها الخجلى، وظهر لون الحمرة على وجنتيها وهي تتنحنح وتُشير لمقعدها قائلة بصوتٍ مازح رقيق...
-(أنت سحبت المقعد لي كي أجلس.. لا أحد يفعل تلك الأشياء الرقيقة الان )

لم يبدي دهشة بملاحظتها على لفتته، ولم يتفاخر أنه فعل شيء نادر.. هو معتاد على جذب المقاعد للنساء.
كانت والدته حريصة على تعليمه هو واخوته، سلوكيات التعامل بذوق وأناقة مع الغير، وخاصة النساء.. كانت مهووسة بقواعد " الاتيكيت" وتغضب إن خرقها أحد
ولطالما كان هو الطفل المثالي، الذي لا يترك شيء دون أن يتعلمه... فما كان منه إلا الاعتياد على هذه التفاصيل، من باب اللياقة والذوق لا أكثر.
خرج عن أفكار أخيرًا وهو يرتاح في مقعده وينظر للنادل الذي اقترب منهم...
-(هناك الكثير من يفعلون هذا، وهذه التصرفات ضمن الأُسس والسلوكيات الاجتماعية)

صمتت حينما أعطاها النادل، قائمة الحلوى والمشروبات
فنشغلت لدقائق تختار صنفها المفضل.. ولكنه رأها تنظر خفية للأسعار قبل أن تنبسط ملامحها لثوان بنظرة حملت القلق.
لحظات ورأها ترفع رأسها للنادل وتقول مبتسمة بتكلف...
-(أود عصير برتقال)

دوّ النادل ما طلبته، ثم وجه نظراته نحو عبدالعزيز الذي غمغم بإختصار..
-(أود قهوة سوداء)

غادر النادل وتركهم لحديثهم من جديد، فحاولت فاتن أن تتغلب على القلق في نفسها من رؤية حساب ما يتناولونه
وصوت عقلها يوبخها.. لمَ أخذت مبلغ زهيد وتركت الباقي في المنزل.. لمَ لم تفكر في الأسعار المرتفعة للمشروبات في هذا المكان.
خرجت من شرودها مره أخرى وابتسمت متوترة، أمام نظراته الهادئة المتعلقة بها فقالت... 
-(هل تعلمت هذه التصرفات في بداية شبابك؟!)

-(لمَ تسألين)

بدى لها عدم تفاعله مع حديثها محرج نوعًا ما، فبدأ الندم يأكل قلبها أنها أجبرته بإلحاحها على القدوم معها، فقد كان عبوسه واضحًا للعيان.. عيناه شاردة، تلمع فيها شرارات غضبٍ لا تدري، أهو موجه لها أم لشخصٍ أخر
ارادت أن تبتلع لسانها إلى أن ينتهي لقائهما هذا على خير، ولكن نظراته المنتظرة لإجابتها دفعتها لتُغمغم بخفوت...
-(لأن هذا لا يبدو منطقيًا لي، فما أعرفه عن طبقتنا الاجتماعية لا يتضمن أن يتعلم الشاب سحب المقعد للمرأة.)

-(وارد.. كيف حال السيدة مـرام ؟!)

عاد وجهها يُظلم بشحوبها والقلق الساكن في عينيها، تنهدت تنهيدة عميقة وكأنها كادت تختنق لولا سؤاله الذي حرر تنهيدتها الحارة.. فسمعها تقول بخفوت حانق...
-(بخير الحمدلله، ولكن أشعر أننا سقطنا في هوة سحيقة.. أبي يهدد بالسفر للقرية لعائلة الغانم ليلقنهم درسًا، ولكنني أخبرته أن مـرام هي من ستدفع ثمن تهوره لو فعل.)

جعد عبدالعزيز جبينه بضيق.. لو فعل والدها هذا سيلحق الضرر بها، بل وسهدم كل ما يحاول نُصير بناءه.. سيكون تصرف كارثيًا بكل معنى الكلمة
صمت للحظات قبل أن يسألها بضيق...
-(وهل سيفعل ؟!)

كادت تندفع وتخبره كل ما يدور في منزلهم عن هذا الأمر، ولكن صوت ما في عقلها ذكرها أنها تجلس أمام محاميهم وجزء منهم... حتى لو كان رجلا لطيف ويساعدها هي وشقيقتها.. هذا لن يمنع أن ولائه الأخير لهم.
ولا ينبغي عليها أن تعطيه مفاتيح حياتهم، كي لا تضر بوالدها او بشقيقتها.
أبعد شعرها الثائر خلف أذنها بتردد قبل أن تقول بضيق واضح...
-(أنت لا تستجوبني الان بصفتك محاميهم، أليس كذلك !)

حدق في وجهها الذي تلون بحدة للحظات، ولم يلومها
معها كل الحق لتأخذ حذرها منه في أمرٍ كهذا.. فتمتم بهدوء كي يعزز الاطمئنان في نفسها...
-(لو أردتُ معرفة شيء لن اسعى لمعرفتها منكِ في سقطات الحديث)

تشققت الحدة على وجهها، وبرز الحرج محلها، وانتظرت أن يغادر النادل، بعدما وض المشروب أمامها، وضع القهوة السوداء أمامه.
تمتمت بعد دقيقة أو أكثر، بنبرة مكسوة بالحرج...
-(أعتذر، ولكنني لا أستطيع مساعدة مرام، لذا أحاول ألا أؤذيها)

-(لا بأس)

بدأت تتناول مشروبها البرتقالي، وفي نفسها مدحت المقهى على حسن تقديمهم للمشروب طازج، بغض النظر عن سعره المبالغ فيه... نظرت له وهو يتناول قهوته
تعلقت عينيها بأصابعه التي ظهرت حينما رفع الفنجان لفمه... كانت اصابعه خالية من أي خاتم ؟!
جعدت جبينها وسمعت طرقات قلبها تقرع في أذنيها.. تحكمت في نبرة صوتها وهي تسأله بفضول...
-(أنت لا ترتدي خاتمك)

نظر لأنامله للحظات، وتأمل اصبعه الخالي من محبس فلك.. لقد خلعه يوم فسخ الخطبة، تخلص من الخاتم الذي كان يؤرق مضجعة ونفسه.. وتخلص من مثلث حب هو في غنى عنه.. لهذا اختفى الخاتم..
ولكن للحظات، قرر عبدالعزيز ألا يخبرها بفسخ خطبته.. لا يود زرع أملٍ زائف في قلبها.. فهي لا تتوقف عن المحاولة رغم علمها بأنه مرتبط بأخرى.. ماذا لو أخبرها، أن عائقها اختفى ؟!

لذا كتم الخبر في نفسه، وتمتم بإختصار ولا مبالاة...
-(نسيته في مكانٍ ما على الأغلب)

جملته المختصرة جعلتها تعقد جبينها بضيق منه ومن نفسها ومن محاولاتها فقالت بإبتسامة صفراء، ظهر اصطناعها بوضوح...
-(اه حقًا.. ولكن انتبه النساء تغضب من النسيان، خاصة لو كانت خطيبنك تحبك طبعًا)

(دعي أمور النساء لهن يا صغيرة، ضعي اهتمامك في مستقبلك فقط، فهو ما تملكينه)
جملته الغامضة تحمل أكثر من رسالة مموهة، أراد أن يوصلها لها.. كانت كلماته تحمل معنى مهين، أنها لازالت صغيرة.. ولا ينبغي عليها أن تفكر في أمور الحب والهوى
والتلميح الثاني، ألا تهتم لأمره، فهي لا تملكه.

ابتلعت الاهانة المُره، ولامت نفسها للمره التي لم تعد تحصيها.. الرجل يستثقل وجودها.. يصحابها مجبور، لذا يجب عليها أن تتحلى بالرزانة ولا تلهث خلفه كالجرو الصغير.
فما كان منها إلا أن حركت رأسها بإيجاب وتمتمت بجفاء، تكتم حرجها وغضبها في نفسها..
-(أنت محق)

-(هل أنهيتِ مشربك؟!)

أبعدت كوب العصير وقالت بنبرة مختصرة
-(نعم)

أشار للنادل أن يأتي، وما ان اقترب منهما، مدت فاتن يدها لحقيبتها تخرج النقود، ولكن عبدالعزيز كان أسرع منها، فقد أخذ الفاتورة ووضع فيها ورقة نقدية من الفئة الكبيرة، وقدمها للنادل شاكرًا.

تحدثت فاتن بضيق حقيقي وهي تقبض على قماش حقيبتها الملونة...
-(ولكني أخبرتك أنني من أدعوك للقهوة)

وقف عن المقعد وساعدها على الوقوف وهو يقول بهدوءٍ حاسم يُنهي بيها أي نقاش قد تود خوضه فقال...
-(كنت اود ألا تشعري بأنك مدينة لي، ولكنني تعلمت أيضًا ألا تدفع امرأة بصحبتي، لذا لا داعي لتأخذينها على محمل الدَين)

إذًا يخبرها ألا تحاول خلق لقاء لهما مره ثانية..
يعفيها من أي ديون أو مجاملات، ويخبرها صريحة ألا تكرر ما فعلته... وصل حرجها عنان السماء وهي تقول بخفوتٍ حاد
-(حسنًا)

-(سأوصلكِ لمنزلك)

اعترضت على رغبته وتمسكت بحقيبتها تستعد للرحيل بمفردها وهي تغمغم شاكرة بهدوء...
-(قريتي تبعد المدينة بساعة واحدة، لا بأس أنا..)

جاء رده هادئ رزين وهو يشير لسيارته ويقول ببساطة غريبة...
-(إذًا سأوصلك إلى القرية...)

ردت بلهجة جافة تحمل تهكم منه، أو من أهل القرية لا يدري، فقالت...
-(أنت تدري بالطبع أن اهل القرى يثرثرون حول كل شيء و..)

-(لا تقلقي سأتدبر الأمر وأتوقف بكِ أمام القرية)
بعد لحظات من التفكير والتردد.. حركت رأسها بإيجابٍ وتمتمت بخفوت...
-(حسنًا)

لم تستغرب من صمته طوال رحلة ذهابهم للقرية، بدأت تعتاد على صمته المستفز وهدوئه المبالغ به.. ولكنها كانت تلوم نفسها على ما تفعله.. بدت لنفسها أنها مُثيرة للازعاج
وشعرت بالندم أنها تحاول الاقتراب منه، رغم تأكيده أكثر من مره أنه يملك امرأة.. ارادت أن تقنع عقلها بهذا.
ارادت أن تقضي على انبهارها نحوه.. وألا تظهر أمامه بصورة ساذجة تُثير الشفقة.

وصل أخيرًا لقريتها وتوقف أمامها.. ينظر لها نظرات هادئة قبل أن يقول برفق وكأنه يصلح ما افسده...
-(في أي وقت، أردتي الاستفسار عن شيء قانوني، سأكون مفيد لكِ، بدون مقابل.. لا قهوة ولا حلوى)

حركت رأسها شاكرة، وتمتمت بجزء من أفكارها التي تدور في خاطرها قائلة بخفوت....
-(أشعر أنني أُثقل عليك)

تطلع لوجهها البريئ الناعم مليًا.. وجهها الصغير الذي يحمل براءة الطفل ومكر الشابة.. براءة خادعة. تخفي خلفها جمال أنوثي جبار.. شعرها المنفوش خلف رأسها بنعومة مع ثنيات شعرها وتكسيراته.
ملابسها التي حاولت جعلها أنيقة جدًا، لا يدري أهذا لأنها ستقابله ام لاجل لقاء المنتج.

ولكنها في كل الأحوال كانت جميلة.. رقيقة وماكرة
وهو في غنى عن جمالها ورقتها، وكذلك مكرها.. لذا شتت عينيه عنها قبل أن يقول بهدوءٍ لين، وكأنه يُذكرها ويذكر نفسه بمكانتها عنده....
-(لا بأس يا انسة خضراء، أنتِ كـشقيقتي الصغيرة)

هتف صوت مجنون غاضب في نفسها، مستعينة بشهقة عالية من شهقات نساء الحارات الشعبية، اللاتي يستخدمنها في المشاجرات المشتعلة
-(شقيقتك ياروح والدتك !!!)

ولكنها كتمت انفعالها، وتجاوزت عن كلمة "صغيرة"، التي كررها في لقائهما أكثر من مره.. وكذلك كلمة "شقيقة" التي افسد بها كل شيءٍ أكثر..فتمتمت من بين أسنانها، بلهجة مشدودة كوترٍ حساس...
-(اه نعم، شقيقتك الصغيرة بالطبع.. إلى لقاء)

هبطت فاتن من السيارة وصفعت الباب خلفها بجنون، تفرغ فيه غضبها الذي احتوته في نفسها طول لقائهم، وانفجر رغمًا عنها حينما أطرب أذنها بجملة
" شقيقتي الصغيرة"
تابعت السير دون أن تنظر خلفها أو تُشير له مودعه..، فكانت خطواتها سريعة دليل انفعالها منه.
حينها تنهد عبدالعزيز وهو ينظر للطريق أمامه ويحرك عجلة القيادة استعدادًا لرحيله، مغمغمًا بشرودٍ ممطوط...
-(خــضــراء غــاضــبة)

                      
    ***
نهاية الفصل

(غصونك تُزهر عشقًا) Место, где живут истории. Откройте их для себя