الفصل العاشر

4.6K 409 40
                                    

الفصل العاشر
.........................
كانت كطفلة تائهة في مدينة الألعاب، الانبهار يغطي عيناها ووجهها ينطق بدهشتها من السرعة والاحترافية التي تسود أجواء التصوير.
تقف في أحد الأركان تنظر للمهام الموزعة على طاقم التصوير، مسؤول الصوت ومساعديه، وكذلك مسؤول الإضاءة الذي لم ينفك عن اطلاق الأوامر لمساعده كي يضبط الإضاءة كما طُلب منه.

الجميع يسرون حولها في تناغم كسربٍ من النمل النشيط
وفي الخلفية كان المخرج يجلس مع مساعده وبطل العمل يتناقشون في أمرٍ ما، والمنتج على مقربة منهم يقف مع البطلة التي بدت غاضبة، تحرك ساقها بعصبية شديدة وصبرٍ نافذ، وعصبيتها تتعارض مع برود المنتج في حديثه معها.

انتفضت على صوتٍ خافت جوارها قطع شرودها...
-(على الأغلب هذا يومك الأول !)

التفتت فاتن لصاحب الصوت، تنظر له من أسفل رموشها وتضبط أنفاسها التي تسارعت من تفاجئها بوجوده، فارتبكت للحظات قبل أن تتوسع عيناها اندهاشًا، لم يكن الواقف أمامها إلا البطل الثاني في العمل، كان نجم معروف في سماء الفن، ولكن شعبيته لا تتجاوز شعبية البطل الأول، ورغم ذلك كان "تميم دويدار" محبوب بين زملائه وجمهوره، بسبب وسامته ولباقته وأصوله الفنية العريقة، فوالدته "نادية دويدار" تعد علم من أعلام الفن في الماضي، وعمه "عادل دويدار" مخرج معروف وله العديد من الأعمال التي حصدت جوائز دولية.

وعلى نهج عائلته الفنية، سلك مسلكهم وسطع نجمه في عالم الفن في السنوات الأخيرة، على الرغم من أنه لم يأخذ بطولة مطلقة بعد...كانت تدري بوجوده في الفيلم الذي ستشارك فيه بدورٍ صغير لا يقارن بأدوراهم الرئيسية، لذا شعرت بالتوتر والرهبة من موجودة جوارها ونبرته الهادئة الودودة، فأحكمت الزمام على انفعالها المجنون وهي تردد...
-(نـعم أول يوم لي)

حرك رأسه بإيجاب وأعاد النظر حيث تنظر، فبصر البطلة المنفعلة وهي تتحدث مع المنتج، وكذلك المخرج الذي يتحدث مع البطل الأول..فغمغم بصوتٍ خافت وكأنه يحادث نفسه...
-(اممم لن تأخذ ليلى دور البطولة)

عقدت جبينها للحظات قبل أن تندفع بالرد دون قصد...
-(لقد وقعت العقد وجهزت ملابس الشخصية، هذا الدور لها بكل تأكيد)

ظهرت ابتسامة صغيرة على فم تميم قبل أن يشير لها بعينيه حيث تقف البطلة؛ التي خرجت عن شعورها وصرخت في وجه المنتج بعصبية..
-(لن أخذ الدور اللعين إن لم أخذ الأجر المُتفق عليه..ولن أصور مشهد واحد قبل الاتفاق الأخير)

اتسعت عيناها بذهول وهي تحرك رأسها له وتردف بلا شعور ولا استيعاب...
-(أنت تمزح)

تمتم تميم بذات النبرة الخافتة وهو يلقي نبوءته الثانية..
-(سيقول المخرج الان أن التصوير سيُأجل حتى إشعارٍ أخر)

مرت دقيقة أو اثنين من النقاش المحتدم بين المخرج والمنتج والبطل قبل أن يتركهم ويذهب غاضبًا، حينها فقط تنهد المخرج بحنق، وتحدث بشيء ما لمساعده الذي أمسك مكبر الصوت يصرخ فيه بحدة...
-(لن نبدأ اليوم، اجمعوا أدوات التصوير، وسنعود إشعارٍ أخر يا شباب)

(غصونك تُزهر عشقًا) Where stories live. Discover now