الفصل الثامن عشر

6.2K 365 42
                                    

الفصل الثامن عشر
.................................................
منذ عثرته أمامها, منذ رفضها لمشاعره.. منذ قسوتها الأخيرة معه
لن يحاول أن يقترب منها مره أخرى, لن يحاول تبرأة نفسه مره أخرى.. ما عاد يريد اثبات شيء لها.. هي لا تريد براءته لا تريد دليل على إخلاصه لها.. كما حدث في الماضي تمامًا.. حينما ذهب لها فور انتشار اتهام ضحى.. حينها ذهب لها وسألها بكل هدوء إن كانت تثق به, إن كانت تصدقه.. ولكنها أخبرته بكل قوة أنه سافل حقير خائن.. ولا تود رؤيته مره أخرى مهما حدث.. حينها كرر سؤاله عليها, واضاف عليه سؤاله المنفعل..
-(أنا لست مضطر كي أدفع عن نفس جُرم لم أرتكبه, وأنتِ بالذات يجب ان تكوني واثقة بي.. ولنفترض أنني أثبتت أنني بريء من نسبي للطفل, هل ستصدقينني؟؟)

صفعته بكلماتها بكل قسوة وجبروت, التحفت بكبريائها اللعين وحدقت له بازدراء لم يخفى عنه..
-(وفر طاقتك.. أنا لا احتاج لإثباتك الكاذب.. منذ شهوى وأنا ألتمس تغيرك.. ولكني لم أسأل, ولن أسأل.. فلك الغانم لا تنخفض لتجلب ما وقع منها.. وأنت وقعت مني)

ألقت كلماتها الكريهة وغابت عنه لشهور طويلة.. ولم تظهر سوى في احتفال خطبتها على صديقه.. أعز أصدقائه
كبريائها لم يسمح لها ان تسمعه.. غرورها كان أكبر من حبها له.. مهما احبته فلك, لن تحبه أكثر من غرورها وعنجا هيتها
لقد قتلته بأخر خنجر, قتلته حينما أخبرته بكل صراحة أن يحترق بنار حبها في الدنيا.. فهذا هو انتقامها.. وانتهى ما بينهما في تلك الليلة.
حينما خرجت من غرفته ظل ينظر للسقف دون أن يجد ردة فعل.. شريط حياته يمر أمام عينه ببطيء شديد, منذ أن كان طفل ذو اربعة عشر عامًا.. كان محبوب حينذاك, نعم يكرهون طاقته المبالغ فيها وكونه مشاكس يعشق المخاطر.. إلا أنه كان مدلل والدته وحبيب قلبها.. فهو الابن الأصغر لها.. ولكن في احد الأيام انقلبت حياته تمامًا بسبب شقيقته دلال التي وقعت في حب شاب لعوب وكاد يضيع شرفهم على يده.. دلال ذات السادسة عشر عامًا, تكبره بعامان فقط.. تلك الفتاة التي كانت عنيدة, مشاكسة حبيبة والدها.. تعشق كل ما هو مختلف وغير نمطي.. وكي تكسر روتين حياتها, انجرفت في حب شاب لعوب كان صديقًا لفراس ونُصير.. تقابله سرًا.. تتركه يمسك يدها, يلثم وجنتها.. يعانقها بشهوة لم تكن تفهمها.. ولكنها كانت تتمالك نفسها امام عائلتها فلا يظهر عليها إمارات الحب والجنون.

إلى جاء يوم عثر.. ذلك اليوم الذي أخبرت فيه والدتهم أنها ستذهب للدراسة مع فيدرا.. ولكنها غيرت وجهتها وذهبت لـ مهران وقد قررت أن تترك له العنان في فعل كل ما يريد.. وما يريده لن يستطع فعله في قريتهم الصغيرة جدًا.. فكل شيء واضح فيها
لذا قرر أن يسافر بها في رحلة سريعة إلى المدينة.. حيث الحرية, والكل منشغل في نفسه.
أغمض عنان عينيه بقوة وهو يقاوم ألا يتذكر ما حدث.. يحاول أن ينسى ذاك الجزء من حياته, ولكنه يفشل.. فمن هما بدأت معاناته
من سوء حظ شقيقته أو حسنه, انه كان في الدينة هو أيضًا مع أصدقائه.. كان يلهو ويلعب ويغامر كما يريد.. ولكنه لم يتخيل ان مغامرته في هذا اليوم ستكون مختلفة كليًا.. لم يدري كيف ومتى رأى دلال امامه, تسير مع مهران وتمسك بكفه.. كانت تسير معه باسمة, ولو دقق في وجهها كان ليجد عيناها تائهة خائفة
ولكنه كان صغير جدَا.. ساذج جدَا.. ومتهور لأبعد حد
فلم يجد نفسه إلا وهو يترك رفاقه بسرعة ويلحق بهما.. كان يجد صعوبة في مجاراة خطواتهم.. وزاد الأمر صعوبة حينما اخذها مهران وصعدا أحد السيارات القديمة التي انطلقت بهما بسرعة متوسطة..
كان يلحق بهما وشعور الغضب يتضاعف في قلبه.. كان غاضب, منفعل, النيران تشتعل في نفسه ويود لو يدق عنق شقيقته ويطرح مهران أرضًا بعد ان يمزقه بأسنانه
ولكنه لم يفعل هذا.. بل فعل الأسوء

(غصونك تُزهر عشقًا) Where stories live. Discover now