الفصل الخامس عشر

Start from the beginning
                                    

خرجت من شرودها الخائف وهي تغمغم لمساعدتها بصوتٍ باكٍ ملهوف...

-(اتصلي بنصير، أخبريه أن يأتي في الحال.. أنا أحتاجه)

ساعة لا أكثر وكان نُصير واقف أمامها في الكرڤان، ينظر للصندوق المفتوح، يتأمل القطة الصغيرة التي غرقت في دمها داخل الصندوق.. ومعها ورقة مكتوب عليها بخطٍ أنيق...

" قطتك ناعمة مثلك.. أتمنى ألا تكوني مثلها"

تنهد نُصير بضيق وهو يعاود النظر لشهيرة، التي كانت جالسة على الأريكة، تتلحف بدثارٍ يهدئ رجفتها والرعب الذي جعل جسدها بارد كقطعة ثلج مُجمدة ؟!
تمتم بهدوء وهو يغلق الصندوق....

-(كيف استطاع دخول شقتك وأخذ الهرة، وكيف استطاع دخول موقع التصوير يا شهيرة!؟)

حركت رأسها نافية والحيرة والخوف يقتلان أي أمان في قلبها، ولسانها بغمغم في ضعفٍ وثقل...
-(لا أدري)

اتخذ مقعد قريب منها، وجلس مستندًا بمرفقيه على فخذيه وينظر لها نظرة حانقة بدى فيها سوء شعوره نحو أفعالها الغير محسوبة وهو يقول بنبرة ظهر فيها هدوئه مختلط بجمود...

-(لأنك صرفتي الحرس يا شهيرة، خلطتِ بين حمايتك وبين اختلافنا حول مشاعرك، وبكل سذاجة صرفتِ الحراسة كي تخبريني أنكِ في غنى عن خدماتي)

ضربتها ذكرى رفضه لها ولحبها، تلم الذكرى التي كوت فؤادها لأسابيع طويلة، تحاول ابتلاع الرفض، ومقاومة شعورها نحوه... كانت حزينة وغاضبة، فلم تستطع سوى صرف الحراس الذي كلفهم بحمايتها، وإخباره أنها لم تعد لحاجه لمساعدته.. ظنت أنها هكذا تحفظ ماء وجهها أمامه
لم تدري أن أفعالها ظاهرة النوايا له بهذا الشكل
أجلت صوتها ونظرت له بعيون دامعة حزينة وقالت...

-(نُصير أنت تجرحني)

-(انها الحقيقة يا شهيرة.. هذا الرجل لا يمزح معك، كفى تصرف بصبيانية وتقبلي المساعدة، وإلا تعايشي مع رعبك هذا إلى أن ترى خطوته القادمة)

أسدلت رأسها وغمغمت بصوتٍ خافت، كتمت فيه مشاعرها السلبية وحزنها العميق...
-(أنا أسفة)

كانت حزينة، ناعمة، مُنكسرة
ولكن ليس الانكسار الذي يجعله يربت على كتفها مواسيًا
انكسار شهيرة في حد ذاته لعنة إغراء لأي رجلٍ أخر
ولكن للغرابة ليس له؟!... لا يتأثر بها ولا بانوثتها الفياضة
رأسه لا يدور من فتنتها والهالة الوردية لها.
وللدهشة أنه يتأثر بمرام أكثر منها

مرام التي لا تملك ولو خمس بالمئة من جمال شهيرة وجاذبيتها وفتنتها... مرام تستطيع جعله يود لو يلتصق بها.. يُربكها فتربكه أفعالها.. يغويه دمعها أن يُقبل عينيها
تغويه حمرتها أن يُمسد على صدغها بشفتيه.
خرج من شروده الذي يدور حول مرام.. وحاول التركيز مع شهيرة قبل أن يقول بهدوء...
.
-(اسمعي يا شهيرة، هذا الرجل ليس وحده، الأمر لا يتوقف على معجب مهووس، الأمر أكبر بكثير)

(غصونك تُزهر عشقًا) Where stories live. Discover now