الفصل التاسِع والسِتون|"نحس"

164 19 44
                                    

فرفسته بقدمها الأخرى على وجهه مقاطعة إياه ليصرخ وقد نفذ صبره" اااااههه" ووقف وسار متجاوزاً إياها ثم وقف أمامها مغلقاً الطريق ونظر إليها بحزم، لتتسع عيونها وتتوقف في مكانها تنظر إليه وقد عدلت عن قرارها بالذهاب فجأة...

*   *   *

-أحداث من الماضي-

نزل الطفل على الدرج المزخرف المستدير ليلمح والدته تجلس على طاولة العشاء، ممسكة شوكة فضية وسكيناً ولم تعره أي إهتمام، سحب كرسيه المقابل لها وجلس عليه والخدم حوله يجهزون له طبقه ويملأون شرابه، ثم إنصرفوا جميعاً ولم تبق سوى كبيرة الخدم واقفة بجانب النافذة لعل وعسى أن يحتاجوا لشيء فتجيب رغبتهم...

حمل الطفل الشوكة والسكين وأخذ يقطع ستيك اللحم متوسط الطبخ والعديد من الأفكار تجول برأسه، ثم قرر أن يجازف ويسأل والدته" أمي..هل رحل والدي بالفعل؟" توقفت عن شرب شرابها وأردفت بعد ثوانٍ دون أن ترفع بصرها نحوه" بلى" 

تنهد وتمتم بينه وبين نفسه" تمنيت لو أنك أيقظتني لوداعه على الأقل.." ضربت والدته الكأس على الأرض دون سابق إنذار وإنتشر النبيذ على الأرض كدمٍ أحمر، أخفضت كبيرة الخدم رأسها وأجفل الطفل وهو ينظر إلى الأرض ثُم إلى والدته بذعر وأردف" أعتذر أمـ.."

دفعت كرسيها ووقفت متجهة نحوه وصوت كعبها الذي يضرب مع الأرض جعلت أنفاسه تنحبس داخله، لتصفعه بقوة أوقعته هو  وكرسيه على الأرض، وسقطت نظارته الصغيرة بعيداً عنه مُمسكاً خده المحمر" أسف أمي لم أقصد.."

-"وتجرأ على طلب مني طلباً كهذا!" صرخت بكامل صوتها وعروق وجهها بارزة، ثم تغيرت تعابيرها للجمود وجلست على ركبتيها لتكون في مستواه وأردفت " أكرهك.." سحبته من شعره نحوها وعيناها متسعتان بجنون وصاحت" أكرهك ايها النحس! أنت السبب في مكوثي مع والدك طوال هذه المدة..لانني لم أُرد التخلي عنك! لقد جعلتني أعلق مع هذا الوغد!!" 

أمسكته من كتفيه وأخذت تهزه" أتعلم كم أنا نادمة على عدم إجهاضك؟ كُلما خلدت إلى النوم أسأل نفسي.. لما لم اتناول تلك الحبوب اللعينة لأتخلص من همي!؟" سالت دموع الطفل على خديه بصمت ولم يبعد عينيه عن والدته التي إنفجرت بالبكاء مغطية وجهها بكفيها...

ليسحب جسده منها ويركض نحو غرفته ويغلق الباب بإحكام، رمى نفسه على سريرة وهو يبكي بصمت، يلوم نفسه لولادته في هذا العالم..يلوم نفسه لكونه بلاءً على أُمه..المٌ فوق قلبها الحزين...

لايفهم لما تتصرف والدته بهذه الطريقة حين يغيب والده، وحين يكون حاضراً تصبح شخصاً مصطنعا آخر تماماً، لايعلم لما تتصرف هكذا..وزوجها يجعلها تعيش حياة كريمة سخية، لم يكن عقله الصغير ليستوعب أن والدته تعاني من إضطراب عقلي وتحتاج إلى المعالجة...

ماغي|ϺΔǦɄϒWhere stories live. Discover now