الفصل الثامن 1

Começar do início
                                    

فلك الغانم ضُربت، وشُتمت وسُب عرضها؛ بسبب عنان.
غرورها كُسر بعد أول ضربة سوط من والدتها وهي تصرخ فيها بالكلمة القاسية "يا غانية"
كُسرت فلك الغانم وانتهى الأمر

خرجت من شرودها الواجم، وهي ترى شقيقتها فيدر تدلف الغرفة بخطواتٍ مترددة.. وعلى وجهها ملامح منكمشة بإشفاقٍ وحزن، وبخطوات بطيية صامتة.. اتجهت كي تجلس جوارها وتربت على كتفها برقة نابعة من شخصية فيدرا وهدوئها.

خرج صوت فلك أجش، مثقول بالمرارة والألم..
-(جاء الشيخ !)

حركت فيدرا رأسها، وابتلعت رمقها بصعوبة قبل أن تغمغم بصوتٍ متحشرج يشارف على البكاء..
-(بدا عقد القران قبل دقائق.. فلك لا تكوني ساكنة هكذا.. اخرجي لهم وأخبريهم أنك بريئة من الإثم، أخبريهم أنكِ لم تدعيه يلمسك وأنك طاهرة)

لم يكن لكلمات فيدرا أي صدى يُذكر.. كانت فلك ساكنة تمامًا.. خاوية من ثورات الغضب، أو جموحها الذي يمنع الذل والهوان عنها.
كانت صامتة، عيناها شاخصة في نقطة ما في الهواء وقد كانت خاوية.. لم تكن عيون مليئة بالعزة والقوة.
بل عيون فقدت كل معاني الحياة.
ولكن بكاء فيدرا جعلها تنظر لها مليًا، قبل أن تقول بفمٍ جاف وصوت مُجعد...
-(وهل تصدقين أنني طاهرة !؟)

دون أي تردد حركت شقيقتها رأسها بإيجاب، وقد خرج صوتها باكيًا موقن، يحمل آنات الألم على حال شقيقتها...
-(أصدق أنك بريئة من كل الفجور الذي ينسبونه لكِ يا فلك.. دينك وكرامتك يمنعونك عن السوء)

جاء صوت فلك خاوٍ مره أخرى وهي تردد..
-(رغم ذهبي معه للكوخ ؟!)

أجابتها فيدرا بإيجابٍ حزين...
-(كان هذا خطأ كبير ولكن أنا متأكدة أنك تملكين سببًا وجيه)

تحكملت فلك في طوفان الدموع الذي كاد يهاجمها، وأغمضت عينيها تسترجع سُباب والدتها، وهي تنعتها بأسوء الألفاظ.. تسترجع ضربات السوط على جسدها بيد والدتها..وصفعات فراس على وجهها.
لم يصدقون أنها بريئة، لم يرأفوا بتوسلاتها ألا يزوجونها لعنان.. بكت بحرقة وظلت ترجوهم ألا ينسبوها له
ولكنهم اتخذوا القرار.

سيتزوجها الحقير كي يعالج الفضيحة، سيتزوجها بعدما وضع طعنته الغادرة في قلبها.. لم يكن هو فقط.
ساعدته هي وأعطته السيف المناسب لذبحها... ولم يتردد هو في نحرها.

فتحت عيناها الدامعة وهي ترى باب غرفتها يُفتح مره أخرى، وتدخل منه أم عبده، التي ارتمت اسفل الفراش تبكي بحسرة وهي تربت على قدمها بمواساة موجوعة، وصوتها المتألم يصل لفلك كسهام مسمومة...
-(سيظهر الله الحق يا سيدتي، الله المنتقم من كل من افترى على عرضك، حسبي الله ونعم الوكيل)

كانت ام عبده تبكي بقوة، فقد رأتها وسمعت صراخها وهي تتلوى أسفل سوط أميرة.. ورغم كل هذا، كانت مؤمنة بأن سيدتها بريئة من الإثم كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب.
وهذا ما جعل الألم يضرب قلب فلك.

(غصونك تُزهر عشقًا) Onde as histórias ganham vida. Descobre agora