بارت 17

1.9K 71 2
                                    


"أحبها لينسى و أحببته لتتذكر .."

في ليلة ممطرة بينما الجميع يغط في نوم عميق إستيقظ على صرخة لا يعلم مصدرها ، فتى لازال يعيش طفولته في خوض إضطرابات الحياة و مشاكل والده التي لا تنتهي و لكن مجرد وجود أمه معه تجعله يتحمل كل تلك الصغوطات .. الصرخة لازال صداها يتردد بين أذنيه فنهض و أبعد دميته الصغيرة و شغل المصباح الصغير أمامه .. إرتدى خفيه و خرج من غرفته بخطى ثابتة رغم صغر سنه فإن الظلام لا يخفيه أكثر من سماع صراخ والده عليه الذي كان صارمًا بشكل لا يحتمل ، شعر ببعض التوتر عند رؤية باب غرفة والدته مفتوحًا على غير العادة فكل ليلة بعد أن تتأكد من نوم مايكل تغلقه ليعلم الخدم أنها نائمة بدورها ، فتوجه نحو غرفتها و نبضات قلبه تتسارع و حدسه يقول أن تلك الصرخة كانت من والدته ليسرع خطواته و يفتح الباب ببطء فشهق شهقة لطفل صغير لازالت عيناه لم ترى من الحياة شيئًا سوى قسوة أبيه ، لكن هذه المرة مختلفة فاليوم شعر بدموعه تنهمر لأول مرة بعد سنوات أمره فيها والده أن الرجال لا يبكون .. توجه نحو سرير والدته المليء بالدماء و لمس وجهها الملطخ بالأحمر ثم حدق في يديه بألم و دموعه تنهمر في صمت ليصرخ بأعلى صوته : أممممممي أمي أمي ...
لكن من سيسمع صراخه أو بكائه الكئيب فكل من في القصر من خدم نائمون و حتى والده غير موجود ، ليعانق أمه بينما لازالت الدماء تنهمر من صدرها الذي طُعن بثلاث طعنات و بلا رحمة في آن واحد لتنتقل روحها إلى مكان آخر تاركة ورائها جثة هامدة يعانقها مايكل بكل قوته بينما يبكي و عقله الصغير مليء بالأفكار و لا يعلم ما عليه فعله بعد أن حاول مرارًا و تكرارًا أن يوقضها أو حتى بعد إقناع نفسه بأنه كابوس و سوف ينتهي بمجرد أن يستيقض لكن هذا الكابوس ليس خيالًا بل حقيقة ...
فتح عينيه و حدق للسماء يتأمل النجوم ثم أبعد عن رأسه هذه ذكرى التي حاول مرارًا نسيانها لكن لم يستطع ، شغل سيارته مرة اخرى و إنطلق نحو القصر ..
في القصر كانت كايلي جالسة في غرفتها القديمة تنتظر مايكل رغم أنها أخبرت دانيال أنها ستعود للمنزل اليوم لكن شيء ما دفعها لتبقى هنا تنتظره ، غيرت ملابسها و إرتدت بيجامة ثم رفعت شعرها على شكل ذيل حصان و خرجت من الغرفة بينما الظلام يعم القصر فنزلت الدرج لكي تتوجه نحو المطبخ فبطنها يصدر أصوات غريبة من الجوع .. ضربت نسمة لتحرك خصلات شعرها فإلتفتت نحو النافذة الكبيرة التي صادفتها بينما تنزل الدرج و التي كانت على يمينها فنست نفسها و هي تحدق للسماء و إبتسامة إعجاب رُسمت على ثغرها و في تأملها للسماء كان هو بالذات يتأمل وجهها الذي ظهرت ملامحه تحت ضوء القمر لتشعر بشخص تحت الدرج واقف بلا حركة فشعرت ببعض الخوف لتقول بتردد : مايكل ؟
عاد إلى رشده و حدق فيها بينما تناظره بخوف ليقول بهدوء: نعم ؟
- أخفتني أتعلم ذلك ؟! لما لم تصعد ؟
- و أنت ما الذي تفعلينه هنا ؟ تساءل باستغراب .
لتقول بحرج : كنت متوجهة نحو المطبخ .
أومأ لها بتفهم ليقول : تعالي حتى أنا جائع .
إبتسمت له و نزلت بسرعة ثم قفزت ليمسكها بسرعة لا إراديًا قائلًا: أجننتي كنت ستقعين !!
- لا تخف أنا متعودة . أجابته بسخرية.
لتتوجه نحو المطبخ و هو خلفها لتجد العشاء على الطاولة لتصفق بفرحة ثم جلست بسرعة تتناول على العشاء بينما ظل يحدق فيها حتى أردفت و فمها ممتلئ : ماذا ؟
لتبلع طعامها ثم تكمل بتساءل: ما بك لا تأكل .
إبتسم إبتسامة جانبية ثم بدأ يأكل لتقول بينما تحدق في الطعام : و الآن ماذا ؟
رفع نظره يحدق فيها بينما تناظر الطعام ليقول : ماذا تقصدين ؟
- أسينتهي كل شيء ؟
فهم قصدها ليشيح بنظره فلا يستطيع رؤية تلك النظرة على وجهها لتقول بسخرية : أعلم أن الأمور بيننا لم تجري كما يجب ، لكن آسفة لأنني هربت و لم أوفي بوعدي فقد كنت خائفة منك لكن ...
و قبل أن تكمل أوقفها قائلًا: لا عليك فهمت ما كنت تمرين به أنذاك و أنا كنت قاسيًا معك ، لكن لا تقلقي منذ الغد لن تريني سوف أسافر لبلجيكا أين سأستقر فلدي شركات هناك و سأبدأ مشروعًا جديدًا بينمز عمل المافيا هنا سأتركه لشاكر فقد مللت من هذه الفوضى.
شعرت بفرحة لأنه سيترك عالم جريمة التي كان يعيش فيها و لكن لما تشعر بالألم لإنه سيذهب ؟
ليقول بجدية : أعلم أنك مررت بفترة صعبة معي ، و تعويضًا عن ما فاتك أريد أن أفتح لك عيادتك الخاصة فلا أظن أن مستشفى أينما كنت سيتفهمون وضعك .
وضعت الشوكة بقوة على الطاولة و نهضت بينما تحدق في يديها و أردفت بحدة : أتظن أنك بفعلك هذا سأنسى الجحيم الذي جعلتني أعيشه .
لم تناظره و خرجت من المطبخ بسرعة لكي لا يرى دموعها التي إنهمرت ليس بسبب ما فعله لكن بسبب ذهابه المفاجئ و هذه المشاعر التافهة التي تشعر بها إتجاهه فصعدت مباشرة لغرفتها و إرتمت على سريرها بينما ظل هو جالسًا يناظر المكان الذي كانت جالسة فيه فتنهد بقلة حيلة ثم نهض و توجه نحو غرفته بدوره ..
دلف للحمام ليسترخي قليلًا في حمام دافئ ثم خرج يلف منشفة حول خصره ليدخل للدريسينغ إرتدى بيجامته و توجه نحو طاولة نومه و سكب القليل من شرابه و خرج إلى الشرفة يستمتع بالقليل من الهدوء ..
- غدًا ستكون بداية جديدة له و سينسى فيها حياته القديمة ، و لا أحد يعلم بأمر ذهابه سوى كايلي ليلتفت لغرفتها فوجدها جالسة بدورها في الشرفة تحدق في السماء ليبتسم قائلًا: عذرائي الصغيرة .
رفعت نظرها لتلتقي عينيهما فقطبت حاجبيها و نهضت بسرعة و دخلت لغرفتها و أغلقت باب الشرفة بقوة ، ثم إستلقت على السرير و أردفت بصوت خافت: أنت لا تحبينه أنت فقط تعودتي على وجوده و ستنسينه بسرعة يا كايلي لا تقلقي .
أقنعت نفسها بهذه الكلمات ثم أغمضت عينيها لتنام و تنسى الأفكار المتضاربة داخل رأسها .
أنهى كأسه فأشعل سيجارته و جلس يدخنها في هدوء ، ينفث دخانها و يحدق فيه و شريط حياته يمر بين عينيه حتى وصل إلى اللحظة التي إلتقى فيها كايلي فأغمض عينيه يتذكر صورتها و شفتيها فإبتسم بدون شعور و يضحك على نفسه و كيف لهذه الفتاة الصغيرة أن تجعله يفكر في أخطائه الماضية ، و كيف قلبه القاسي لم يستطع قتلها ، و كيف لها أن تجعله يبتسم بمجرد تذكرها .. لعبت بعقله و دخلت قصره و أعاثت فيه فوضى إشتاق لها و حيوية في قصر إنتشر فيه الظلام.. كيف للعقرب أن يحب قربها منها ؟
لكن هذا الشيء الذي بدأ ينتشر في قلبه عليه التوقف الآن فلا جدوى من التفكير حتى في الأمر فلا مخرج من هذا الطريق فهي تكرهه في الأساس .
تنهد بأسى و دخل للغرفة و السيجارة في يده ليحطمها على وعاء السجائر ثم حدق في الساعة ليجدها واحدة بعد منتصف الليل و لم يجافيه النوم ليخرج من غرفته و يتمشى في القصر حتى لمح غرفتها فتوجه نحوها و دخل بهدوء ليجدها نائمة بعمق تعانق الوسادة ليقترب منها و يجلس بقربها و وضع يده على شعرها ثم حرك أنامله على حاجبيها يتأملها .. تحركت للوراء ليظهر وجهها بالكامل و خصلات من شعرها نزلت على عينيها ليبعدها بخفة ثم إستلقى بقربها و جذبها إليه لتنام في حضنه ووجهها مقابل لوجهه فحدق في ملامحها يحاول أن يرسمها في مخيلته فلن يراها بعد الآن ثم طبع قبلة دافئة على شفتيها و أغمض عينيه يستمتع بآخر ليلة معها .

SCORPION OBSESSIONWhere stories live. Discover now