الفصل الأول

7.4K 548 145
                                    


رواية 28 حُزَيْرَان

بقلم/ مريم نصار.

"قدَّر الله وما شاء فعل، هوِّن على نفسك دومًا بهذه العبارة الرائعة، لقد بذلت قدر طاقتك، وما شاء ربك أن يكون قد كان، فارضي نفسك وأرضها وتيقن برحمة الله، لكي تقوى على التحمل والمثابرة، ولا تنسى أن لنفسك عليك حق، فلا تتعجل أبدًا وهون علي نفسك ثقل الأيام، وارح عقلك وقلبك بالرضا، واعلم أنه مهما حدث سيراضيك الله ويجبر بخاطرك، وليس بالذي تريده فقط بل بأكثر بكثير حتى أنك ستتعجب من عوض الله عليك." ❤
================================

بسم الله نبدأ

الإسم الحقيقي / شريهان ابراهيم.
الإسم الحركي/ مريم نصار.

        في زمن بعيد في منتصف القرن العشرين تحديدًا في اليوم الثامن و العشرين من حُزَيْرَان، كانت تتجمع عائلة القس "ملاك" أمام المقابر الخاصة بهم؛ لدفن نجلتهم "ماري" ذات التسعة عشر عامًا.
تلك الفتاة التي تصرخ والدتها السيدة "چانيت"؛ لانفطار قلبها على فلذة كبدها.

انتهت مراسم دفن الصغيرة و غادر الجميع، لم يتبقَ سوى "ملاك" و "چانیت" التي جلست أرضًا و هي ترمق زوجها بنظرات غاضبة و شرسة، و من ثَمَّ هتفت بصراخ وسط انهمار دموعها:

-أنت السبب في موت بنتك ياملااااك، أنت السبب! أنا لايمكن أسامحك، أنت ضميرك وقتها راح فين ياملاك.. راح فييين!

ثم اجهشت مرة أخرى بالبكاء و الصراخ  و هي تضع يدها على قلبها من الألم الذي اخترق عصارته لِما فقدت اليوم
و هى "ماري"  الابنة الكبرى في تلك الأسرة المكونة من خمسة أفراد و هم:
"الأب "ملاك"، و الأم "چانيت"، و فقيدتهم "ماري"، و ابنهم "ميشيل" الذي يبلغ من العمر أحد عشر عاماً، و "ماريان" التى تبلغ من العمر تسع سنوات".

كان "ملاك" يقف أمام قبر ابنته يتطلع إليه في صمت، و لا يعلم أحد ما يعتلي صدره من لهيب الجُرح الذي أُضرم في قلبه على فراق فلذة كبده التي لطالما تمنى دائماً أن يراها بثوب زفافها و يزفُها إلى بيت زوجها و يُسلمها له بيده، و لكن للقدر رأي آخر؛ فجعله يزفها إلى قبرها بدلًا من وكر زيجتها و يدفنها بيديه.

لم يستطع السيطرة على غضبه من تلك الإتهامات التي توجهها له زوجته وهي تعلم مدى حبه لابنته، فزجرها بشدة مدافعًا عن نفسه قائلًا:

-أنا مقتلتش بنتنا يا چاااانیت! هي اللي انتحرت، أيوة هي اللي كانت ضعيييفة ومشيت ورا قلبها و صدقت واااحد خاين ضحك عليها بكلمتين حلوين، و لمّا خلاص قالت يا جواز و هو شاف قد إيه هي متعلقة بيه و بتحبه قالها أنا يهودي و لو عايزة نتجوز اعتنقي اليهودية و تعالي معايا، في الآخر تقوليلي قتلتلها!

كانت چانيت تستمع لما تفوه به زوجها الذي تعلم أنه لم يجرُؤ على خدش ابنته أو حتى صفعها من قبل، و لكن بالنسبة لها هو من جعلها تفكر بإنهاء حياتها.

28 حزيران  بقلم/ مريم نصار Where stories live. Discover now