الفصل الثامن والأربعون

Start from the beginning
                                    

غامت عينا سامر بحزن عميق وهو ينظر الي جسده سرمد، لينزع الحزن عنه وهو يقترب بمشاكسة خالية من المرح.. مليئة بالبؤس والحزن

-وانا أين يا غيداء

شبه ابتسامة ارتسمت على شفتي غيداء وهي تري ابنها الصغير يحتضنها بمواساة اكثر من كونها حاجة لاطمئنانه، ليشعر بضربة مباغتة لم يحسب لها حسابا من والده الذي قال

-تأدب يا ولد، وأنت تتحدث مع والدتك

التفت سامر تجاه ابيه الذي ينظر باطمئنان وثقة تجاه سرمد الذي اكتفي بهزة من رأسه، لولا والده الذي أصر أن يتحلى بالكثير من الصبر كي يطمئن والدته لما بقي ساكنا هكذا كالجماد!!.. لكن من أجل غيداء يفعل المستحيل لها!!

ازداد سامر من احتضان جسد والدته الذي برغم كونها في منتصف العقد الخامس إلا أنها تبدو كأمرأة فى منتصف الثلاثينات، مازح والده قائلا

-لا تتدخل يا أبي، انا أحب والدتي كما أنك لن تنافسني في مقدار عشقي لها

ابتسم والده بسخرية وهو يخبره بجفاء

-لولاي ما جئت انت وهذا البغل الآخر

شهقة خجولة انفلتت من شفتي غيداء التي نظرت تجاه زوجها بنظرات زاجرة مستنكرة، قابلها ابتسامة باهتة من سامر وعينيه سقطت على سرمد الذي كان بعيدا عن حوارهما الطبيعي، ومشاكستهما التي يعيد خلقها كي يندمج الشارد لهما مرة أخرى

-في ماذا تفكر؟

قالتها غيداء وهي تلمس رأسه تمرر أناملها في خصلات شعره القصيرة، ليرفع عينيه ينظر الى عيني والدته قائلا بصوت فاتر المشاعر

-لماذا جاء ذلك الداوود؟

عقدت غيداء حاجبيها لبرهة، لا تنكر أن داوود اختفي تماما من الظهور أمامها ما ان وصل لهما خبرا عن وجود سرمد فى المشفى... لا تعلم أين يختفي هذا الشاب ماذا يفعل؟ لكن تتمنى ان لا يكون أن تسبب أي شئ أخرق كأيام مراهقتهم العصيبة!!

-ليساعدنا.. لا تنسي انه من العائلة يا سرمد، ومهما بلغ عدائكم إلا أن مصلحة العائلة أهم من مجرد شجار لم يكن له داعي وخصومة تقطع أواصر الرحم في علاقاتنا

قالتها غيداء بحزم وهي تتطلع الي عيني سرمد الذي دار بعينيه فى الغرفة بملل، قبل أن يهمس لها بصوت مستنكر

-وهل أنا من بدأ الشجار والقطيعة يا أماه؟

دق قلب غيداء بعنف، وكلمة " أماه" لا ينطقها سوي لأمر جلل... عادت الدموع تتجمع في مآقيها وهي تنظر اليه بعجز واضح.. تلك المرة عاجزة عن مساعدته اكتفت فقط بالمراقبة دون الاتيان على الحركة وهي تراقب ابنها يغرق فى لجج الدرك المظلم

لم تملك سوى أنها تميل طابعة العديد من القبلات الدافئة على جبهته وكلتا خديه ليبتسم سرمد براحة وابتسامة ناعمة تتغلغل صدره وهو يتذكر طفولته التي قضاها بتدلل امه و ذكرى قديمة.. قدم الزمان لا يعلم كيف طفقت فجأة تخرج من دهاليز عقله، حينما يهجم على امه طابعا العديد من القبلات فى وجهها لتحاربه هي بالعديد من القبلات الدافئة منها ثم تبدأ بدغدغة جسده .. استمع الي همسها الهادئ كما لو أنها تهويدة قبل النوم

أترصد عشقكWhere stories live. Discover now