الجزء الثاني (الفصل السادس عشر)

3.4K 175 10
                                    

إنني أحبكِ
ولا أريد أن أربطكِ بذاكرة الأفعال الماضية
ولا بذاكرة القطارات المسافرة
فأنتِ القطار الأخير الذي يسافر ليلًا ونهارًا
فوق شرايين يدي
أنتِ قطاري الأخير
وأنا محطتكِ الأخيرة.

ضغط نديم على زر الإجابة بأنامل مرتعشة وسرعان ما أتاه صوت يعرفه جيدا، صوت فاروق المنزلاوي قائلا بسخرية:
_خفتي؟ متقلقيش ده أنا حتى قتلته قدامك.
هتف نديم محاولا تصنع الجمود:
_بتتصل ليه؟ وعايز إيه تاني؟
هتف بحقد لطالما كان يكمن بداخله:
_عايز حقي اللي أنت وأبوك وسليمان المنزلاوي خدتوه مني، عايز ولادي وعايز حياتي ترجعلي.
_أنت اللي ضيعت كل حاجة من إيدك بسبب الأنانية والحقد اللي جواك، محدش ظلمك ولا خد حاجة منك.
_مش هسمح إن ولادي يبقوا بعيد عني يا نديم وهاخد حقي منك أنت وكل واحد من عيلة المنزلاوي.
أغلق نديم الهاتف بغضب وهو يلقي الهاتف على الأريكة بغضب.
خرجت روجين من المرحاض متسائلة بقلق:
_حصل إيه؟ صوتك كان عالي.
_بيلعب لعبة كبيرة أوي وهيدمر بيها ولاده قبل أي حد.
_مين ده وحصل إيه؟
_عمي اتصل من تليفون آدم وبيقول هاخد حقي وحق ولادي وكلام غريب كده، زي ما يكون ناوي على حاجة كبيرة أوي.
مررت يدها بأنامل رقيقة على يده قائلة بحنو:
_متقلقش إنشاء الله مفيش حاجة هتحصل أكيد هيخاف على ولاده.
_ربنا يستر يا روجين أنا مش مطمن.

*************

ابتعدت ملك قليلا عن الشاب الذي يقف قبالتها بداخل غرفة المكتب والبسمة مازالت تعلو وجهها، فسألها كريم بفضول تشوبه الصدمة التي فشل في إخفائها:
_مين ده؟
أردفت هي ببسمة واسعة:
_ده عامر.
سألها بضيق لم يستطع إخفاءه:
_والأستاذ عامر ده بتحضنيه ليه يعني يقربلك إيه؟
تعجبت ملك من حدته، بينما اقترب منها عامر بتعمد متسائلا:
_وده يخصك في إيه بقى؟
سرعان ما أردف كريم قائلا:
_خطيبتي أنا حر أسألها براحتي.
وجه عامر أنظاره صوب ملك متسائلا باستنكار:
_والخطوبة دي حصلت إمتى بقى؟
سرعان ما أردفت ملك قائلة:
_مفيش خطوبة ولا حاجة والله.
هتف كريم بحنق:
_هيبقى في يا ملك.
أبعدت عينيها عنه بخجل، فكرر هو سؤاله قائلا:
_مين ده؟
سرعان ما أردفت هي:
_ده عامر أخويا.
سرعان ما تبدلت ملامح وجهه المتجهمة إلى أخرى بشوشة مبتسمة وهو يقترب منه ليحتضنه قائلا:
_يا عم مش تقول من بدري كان لازمته إيه يعني.
أردف عامر بخبث:
_وبالنسبة للتسبيل اللي حصل قدامي ده عادي يعني؟
أردف كريم بدوره:
_يا عم هو أنا عملت حاجة وبعدين هنتجوز إنشاء الله.
حاولت ملك مداراة خجلها ولكنها فشلت في كبته بداخلها واصطدمت بكوب المياه ليقع أرضا.
أردف عامر بمزاح:
_لأ عادي هي لما بتتوتر بيحصل كده...ركز بس معايا معندكش أخت بقى حلوة كده تجوزهالي.
زفر كريم بارتياح قائلا:
_اتجوزت الحمد لله.
ذهب عامر صوب ملك هامسا بأذنها:
_أنا هروح أشوف ماما متتأخريش تمام؟
أومأت برأسها هي ثم انسحب عامر من المكتب بهدوء.
ظل كل منهما صامتا لعدة لحظات، هي لا تعلم أنه ينتظر منها نصف كلمة، وهو لا يعلم انها تنتظر منه البدء، غريبة هي فلسفة العشق.
بدأ كريم بالاقتراب منها ليزداد توترها أكثر، جذب يدها لتجلس بجانبه قائلا بمشاكسة:
_أول مرة أقول حاجة متعترضيش عليها.
حاولت هي التحدث قائلة ببعض كلمات متفرقة:
_عشان....بس...بس أنا لسه موافقتش.
أبعد خصلاتها البنية عن عينيها قائلا برفق:
_براحتك ما هو حق الجميل يدلع برضه، بس أنا هستناكي طول العمر لحد ما توافقي.
استطرد قائلا بهدوء:
_أنا في موضوع مهم لازم أكلمك فيه قبل ما تاخدي أي قرار يا ملك.
سرعان ما هتفت بخوف:
_اوعى تكون متجوز؟
ابتسم هو لتظهر غمازته التي تزيده وسامة قائلا:
_ليه أنتي شيفاني الحاج متولي ولا إيه.
أردفت متسائلة:
_طب موضوع إيه؟
جذبها برفق لتنهض قائلا:
_مينفعش نتكلم هنا تعالي نروح أي مكان وهقولك.
أومأت برأسها لتذهب معه صوب سيارته وينطلق هو بطريقه ومئات من الأفكار المتداخلة تغزو عقله وتفكيره.

شمس الحياة (مكتملة)Where stories live. Discover now