الفصل الثامن

4.8K 213 3
                                    

يا سيدتي:
كنت أهم امرأةٍ في تاريخي
قبل رحيل العام.
أنت الآن.. أهم امرأةٍ بعد ولادة هذا العام
.. أنت امرأةٌ لا أحسبها بالساعات وبالأيام.
أنت امرأةٌ..
صنعت من فاكهة الشعر
.. ومن ذهب الأحلام..
أنتِ امرأةٌ.. كانت تسكن جسدي
قبل ملايين الأعوامْ..

وصل نديم إلى المخزن القديم ولكن وجده مدمرا بالكامل ووجد الرجال الخاصين به عبارة عن جثث هامدة ملقاة على الأرض، فذهب سريعا إلى داخل المخزن فلم يجد بداخله غير ورقة مكتوب بها "تبقى أهبل لو افتكرت أن أنا ممكن أسيب آدم يعرفك أنا مين، دلوقتي لعبتك هتبقى معايا أنا مش معاه".
خرج نديم ومقلتاه تشتعلان من الغضب وأخذ ينظر إلى جميع الجثث الملقاة بإهمال وكأن من فعل ذلك شخص بلا قلب، شخص تجرد من مشاعره، فأقسم بداخله أنه لن يترك حق ناردين ولا حق عائلات الرجال الذين قتلوا، فهو لن يتخلى عن الإنفاق على زوجاتهم وأبنائهم وسيدمر من فعل هذه الجريمة المجردة من الإنسانية بهم.

************

عاد نديم إلى المنزل وهو منهار فقد شعر أن كل شيء يهدم فوقه، فوجد كريم يتحدث في الهاتف بحنق قائلا:
_قلتلك أنا هتصرف واتصرفت خلاص والموضوع انتهى وهو ميعرفش أن أنا اللي عملت كده أصلا.
أغلق الخط بغضب وصعد إلى غرفته سريعا، فأخذ نديم يفكر وملامحه تظهر عليها الصدمة، هل يمكن أن يكون كريم هو السبب في كل هذا؟ ولكن لم يفعل به هذا الشئ فهو دائما يضعه موضع الأخ؟
صعد إلى غرفته فهو قد انهك من التفكير في كل شيء. وجد روجين جالسة تنتظره على السرير وتعبيرات القلق ترتسم على ملامحها فقال لها بصوت منهك:
_ممكن أنام على رجلك؟ بس بلاش نتكلم دلوقتي عشان خاطري أنا مش قادر.
ابتسمت له برفق وعدلت من وضعية جلوسها، فذهب هو ووضع رأسه على قدميها مثل الطفل الذي يخطئ فيذهب لكي يرتمي بين أحضان والدته، فهو يشعر نفسه مذنبا ولهذا ذهب إليها هي...ذهب إلى شمس حياته.

*************

في صباح يوم جديد استيقظت روجين وأخذت تنظر إلى نديم وهو نائم، فكم يشبه الملائكة في نومه ولكنه فاجأها بقوله لها:
_مقلتيليش صحيح هو أنا حلو أوي كده؟
أجابته هي بحنق:
_أنت قليل الأدب أوى.
نهضت لتذهب سريعا إلى المرحاض وتابعها هو بنظرات متفحصة وبسمة واسعة تعلو صفحة وجهه.
أبدلت روجين ملابسها فارتدت فستانا يصل طوله إلى ركبتيها نصفه العلوي باللون الأبيض وبه بعض الدانتيل الرقيق على الأكمام وأسفل الرقبة، وكانت أكمامه تصل أعلى كوعها بقليل، ونصفه السفلي بلون المرجان، وارتدت الحذاء بنفس اللون.
ارتدى نديم قميصا باللون الكريمي، وبنطالا أبيضا، وحذاءا بنفس اللون .
عندما خرجت روجين قال لها نديم مشاكسا:
_هو أنا حلو يا روجين؟!
أجابته بحنق قائلة:
_على فكرة بقى لو مبطلتش رخامة أنا مش هكلمك تاني.
_طب يا ستي خلاص.
استطرد بنبرة أكثر جدية:
_أنا هنزل الشغل النهاردة بقى كفاية أجازة كده.
أردفت هي بنبرة مترددة:
_أنا كمان كنت عايزة أنزل الشغل.
أجابها هو بحنو:
_طب وبتقولي بتردد ليه هو ولا عيب ولا حرام بالعكس هو حق من حقوقك حتى لو مش كده أنا مش عايزك تبقي مترددة وأنتي بتطلبي مني أي حاجة أيا كانت هي إيه، أنتي لو طلبتي روحي هديهالك يا روجين.
ابتسمت له بخجل مردفه:
_بس أنا عايزة روحك تفضل جواك عشان أعرف أنورهالك، مفيش شمس بتاخد روح حد وأنا هبقى شمس حياتك اللي هتنورلك روحك وحياتك.
خرجت من الغرفة مسرعة متجهة إلى الأسفل ووجنتاها متوردتان بشدة فهي لم تعرف كيف تجرأت وقالت له مثل هذا الكلام.
_هو أخويا ده مبيحترمش نفسه معاكي أبدا على طول كده خدودك حمرا.
هتفت بها ناردين بمشاكسة لروجين.
فأردفت هي قائلة:
_بقولك إيه مش تبقي أنتي وأخوكي سيبيني في حالي بقى.
_خلاص هسكت أهو كفاية عليكي نديم.
_مين بيجيب في سيرتي؟
قالها نديم عندما سمع آخر جملة قالتها ناردين ثم ذهب وقبلها من جبهتها قائلا لها باهتمام:
_بقيتي أحسن ولا لسه تعبانة؟
_الحمد لله كويسة خلاص.
جلس الجميع ملتفين حول طاولة الطعام، ولكن نديم كانت تدور برأسه آلاف الأفكار حول الشخص الذي يوصل المعلومات لعدوه المجهول، فقطع تفكيره جده سليمان قائلا له:
_نديم أنا عايزك في المكتب.
ذهب نديم وراءه قائلا له:
_خير يا جدو في إيه؟
_في أن أنا مش هسيب اللي عمل كده في حفيدتي.
_وأنا مش سايبه وإنشاء الله هوصله وهعرف مين اللي ورا آدم ده.
_أنا هقولك نصيحة يا ابني عملت بيها لنفسك معملتش برضه لنفسك، خلي إياد ابن عمك يساعدك يا ابني أنتو الاتنين لما بتتفقوا مع بعض محدش بيقدر يقف قصادكم.
ذهب سليمان منسحبا برزانته المعهودة إلى الخارج وترك نديم في دوامة أفكاره بالداخل وكأنه ترك له طرف الخيط الذي سيحل جميع المشاكل، ولكن يوجد به عقدة إن استطاع فكها سيستطيع بسلاسة التخلص من جميع العقبات التي تؤذي عائلته.

شمس الحياة (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن