الفصل المائة وثمانية وسبعون - الجزء الأول

Start from the beginning
                                    

تساءلت "آمنة" بغريزة أمومية معتادة:

-مبسوطة معاه؟

لم تخبت السعادة من على ملامحها وهي تؤكد عليها:

-الحمدلله.

أخذتها والدتها في أحضانها، ودعت لها وهي تمسح على ظهرها صعودًا وهبوطًا:

-ربنا يديم عليكي نعمه.

أمنت عليها في رجاءٍ:

-يا رب أمين.

ابتعدت "فيروزة" عن حضن والدتها، وتساءلت في ابتسامٍ واهتمام:

-إنتو إيه أخباركم؟ طمنوني عليكم؟ "همسة"، وابنها، و"كوكي"، وخالي؟ كلكم كويسين؟

قالت مع هزة من رأسها وجوبًا، قبل أن ينعكس القليل من الحزن على محياها:

-كلنا بخير الحمدلله .. بس خالك بعافية شوية!

شعرت بالقلق من كلماتها الأخيرة، ولاحقتها بأسئلتها في جزعٍ:

-ليه؟ ماله؟ هو تعبان ولا حاجة؟

أمسك التردد بلسان "آمنة" وهي تجيبها:

-أصل حصلت حاجة كده .. مرضناش نقولك عليها.

تفرست "فيروزة" في وجه والدتها محاولة كشف غموض ما لا تريد البوح عنه، فكسا التوتر كامل تعبيراتها، كما خفق قلبها في اضطرابٍ مقلق، استجمعت جأشها، وتساءلت بصوتٍ حاولت جعله ثابتًا قدر المستطاع:

-حاجة إيه؟ قولي يا ماما، قلقتيني.

لم تجد بُدًا من إخبارها، فهتفت مسترسلة في الحديث دون استباقٍ مُمهد:

-"حمدية" نفذوا فيها حكم الإعدام، ومن ساعتها وهو حاله اتبدل.

أصابتها صدمة لحظية، أربكت حواسها لوهلةٍ، غير متوقعة أن تنفذ فيها كلمة القضاء الأخيرة خلال أيام زيجتها الأولى. أتى تعقيبها متناقضًا مع مشاعرها غير المتسامحة معها:

-هي خدت جزائها، معدتش يفيد الكلام.

علقت عليها "آمنة" في أسفٍ:

-الله يسامحها، ضيعت عمرها وبيتها في ساعة طيش.

لم تحبذ "فيروزة" الخوض في سيرتها، فعزفت عن الكلام عنها، وقالت وهي تشير بعينيها نحو الردهة المستطيلة:

-أنا هاقوم أطمن عليه.

لاقى اقتراحها استحسانًا من أمها، وراحت تؤيده:

-أه يا ريت، جايز يفرح لما يلاقيكي قصاده.

تصنعت الابتسام، وهمهمت في هدوءٍ حذر:

-إن شاءالله.

......................................................

عيناه الوقحتان كانتا تجريان على منحيات جسدها، وهي تميل هنا وهناك لتؤدي عملها الذي جاءت من أجله، ادعى انشغاله بالبحث عن أمرٍ ما في هاتفه؛ لكنها كانت فرصته الثمينة لفحص مقوماتها دون أدنى انتباهٍ منها، أمسكت به والدته وهو يسترق النظرات نحو الخادمة التي صمم على تواجدها بشكلٍ شبه يومي. تقدمت ناحيته، وقطعت عنه الرؤية بالوقوف مباشرة في مرمى بصره، تنحنح "فضل" مدعيًا إجلاء أحباله الصوتية، وهتف مادحًا:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الرابع - كاملةWhere stories live. Discover now