الفصل المائة وأربعة وعشرون

34.3K 2.3K 619
                                    


للساهرين بعد منتصف الليل ..

فصل جديد يستحق المتابعة


الفصل المائة وأربعة وعشرون

باسترخاءٍ ظاهر عليه وهو مستلقي على فراشه، ضم ساقه فوق الأخرى، وأراح ظهره للخلف مستندًا على وسادتين تحتاجان لإعادة نفض القطن المحشو بداخلهما، نظرة سريعة سددها نحو باب غرفته الموصود، قبل أن يتجرأ على إخراج قطعة الثياب التحتية المحتفظ بها أسفل إحدى الوسادتين للنظر إليها عن كثب. رفعها "فضل" إلى مستوى نظره وهو يتحسس ملمس قماشها الدانتيل، مستحضرًا في ذهنه لحظة عودته إلى المشعوذ -مدعي المعرفة والعلم- ليأخذها منه عنوة، بعد أن انتهى لقائه به بدقائق وهو يقول بتهكمٍ مستفز:

-ماظنش إنها هتفيدك في حاجة.

ضاقت عينا الرجل في استنكارٍ، وهتف يوبخه:

-يا ساتر عليك.

دسها في جيب بنطاله، وأشار بإصبعه مشددًا:

-ماتنساش اتوصى بالعمل.

بوجهٍ منقلب أخبره وهو يضع حفنة من البخور على مبخرته:

-قولتلك لما هخلصه هعرفك.

علق عليه في سخرية مليئة بالصلف:

-ماشي يا .. بركة.

أفاق من شروده السريع وهو يفرك بإبهامه الملمس القماشي، ثم قال بابتسامة بغيضة:

-هاتروحي مني فين يا بنت عمي؟

اسودت نظراته، وعكست شرًا دفينًا وهو يتابع وعيده:

-ده أنا هاطلع كل البلى الأزرق على جتتك.

-يا "فضـــل"!!

نداء والدته القادم من الخارج أجبره على إخفاض ذراعه، وإخفاء قطعة الثياب أسفل وسادته ليصيح بعدها بصوتٍ خشن:

-أيوه يامه.

أخبرته بصوتها المرتفع:

-تعالى شيل صينية الأكل عشان تتعشى.

وسد ذراعه خلف رأسه، وادعى بالكذب:

-هاتيهالي يامه، مش قادر أقوم من مكاني.

لحظاتٍ وأتت إليه حاملة صينية الطعام، بدت غير قادرة على الوقوف باستقامة، ولم يكلف نفسه عناء النهوض لتناولها عنها، انتظر حتى وضعتها على طرف الفراش، تأمل ما حضرته له، وقال بتعابيرٍ غير مبتسمة:

-إنتي محطتيش البيض المقلي على الفول؟

نظرت له قائلة بحاجبين معقودين:

-الزبدة خلصت، بكرة الصبح أبقى أشتري.

اعتدل في رقدته، وقال وهو يقطع رغيف الخبز إلى أجزاءٍ صغيرة:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الرابع - كاملةWhere stories live. Discover now