الفصل المائة وخمسة وأربعون

43.4K 2.9K 1.4K
                                    


سهرتكم سكر يا غاليين ..

معلش اتأخرت عليكم، بس إن شاءالله تقضوا وقت طيب


الفصل المائة وخمسة وأربعون

مفهوم الحب من ناحيتها كان محدودًا، قاصرًا على ما قرأت عنه، أو سمعته على الألسن المرددة لنفس العبارات المستهلكة للتعبير عنه؛ لكن معايشته بكافة جوارحها ووجدانها كان للأسف غير متاحٍ لها سابقًا، بل كانت أبعد ما يكون عن التنعم في ملذاته المغرية، أما الآن فلا تستطيع تحديد ماهية الشعور المداعب لقلبها، أو حتى التفقه لما يختلج صدرها من مشاعر مربكة، بيد أنها تحبذ أساليب المراوغة السائدة فيه، تلك التي تمنحها تارة الأفضلية في شيء، وتعطي ندها تارة أخرى التفوق في شيء آخر على النقيض معها .. الشد والجذب بينهما امتلأ بخليطٍ من التضاد، المصارحة، اللين، الحزم، المتعة، والمرح.

لن تنكر أن الجانب الآخر منه كان مَغيظًا، مزعجًا لها، ويجعلها تشعر كأنها فتاة بلهاء؛ لكنه رغم هذا كان مفيدًا بشكلٍ ما، فقد ساعدها على اكتشاف مشاعر لم تختبرها من قبل، انتشل من أعماقها ما ظنت أنه غير موجود بها، ولن يظهر على السطح مهما حدث، أصبحت الآن شابة أخرى غير تلك المهشمة الكارهة لمباهج الحياة، أيعقل أن يكون ارتباطها به قائمًا على المشاعر الحقيقية الأصيلة؟ ربما حين تغدو العلاقة رسمية بينهما يتضح لها ما يبدو غير مفهومٍ –مؤقتًا- في مشاعرها المتخبطة ناحيته.

أدركت "فيروزة" بعد حين أن مناوشته المستفزة لها نجحت في تبديل مزاجها المتعكر، لآخر رائق، يشع بالحماس، ويمتلئ بالنشاط. عادت إلى المنزل على عكس ما خرجت منه، استقبلتها همسة في قلقٍ ظاهر على وجهها، ودنت منها متسائلة:

-عاملة إيه دلوقتي؟ مش عايزاكي تضايقي من آ...

قاطعتها بهدوءٍ، وبإشارة من يدها أمام وجهها:

-قفلي على الموضوع ده، أنا مش هتكلم فيه.

ردت مبررة موقفها:

-أنا بس عاوزة أطمن عليكي.

أخبرتها بعد زفير متمهل:

-أنا كويسة.

حاولت "همسة" التفرس في وجهها لمعرفة سبب هذا التغيير العكسي الكبير، زادت حيرتها عندما لم تصل لشيء، وسألتها:

-هو إيه اللي حصل؟

لاح في مخيلتها مشهد لقائها العابث مع "تميم"، شردت متذكرة تلميحه المتواري وتشبيهه لها بثمرة التفاح، لم تشعر بابتسامتها التي احتلت ثغرها من أثر الذكرى اللطيفة، شردت للحظاتٍ غير منتبهة لشقيقتها التي ظلت تلوح لها بيدها أمام وجهها بضعة مرات وهي تناديها:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الرابع - كاملةWo Geschichten leben. Entdecke jetzt