الفصل المائة وثلاثة وخمسون

36.5K 2.7K 683
                                    



عودة للنشر من جديد بعد انقضاء الأسبوع المرهق ..

في انتظار تفاعلكم الطيب

الفصل المائة وثلاثة وخمسون

كأول شعاعٍ لفجر يومٍ جديد، بزغ النور بداخلها، وأخذ قلبها يقصف في ربكةٍ لذيذة، بعد ذلك الاعتراف غير المتوقع باشتياقه المتلهف لها. على عكس المعتاد منها، لم تهاجمه "فيروزة"، أو تمنحه تعابيرًا غاضبة لتصرفه الأهوج، بل حادت بنظراتها الفرحة بعيدًا عن وجهه، لئلا ينظر إليها ويكتشف مدى السرور الذي حل عليها، جراء تأثير كلمة واحدة صادقة، ونابعة من الفؤاد.

حدث ما حدث، ونطق القلب قبل اللسان، لم يكن نادمًا، ولم يبدُ مستاءً من رعونته، فمن وجهة نظره كانت تستحق أن تشعر بمدى رغبته في التودد إليها، والبقاء بقربها قدر استطاعته، حمحم "تميم" قائلاً بما يشبه الاعتذار، بعد أن لاحظ صمتها الحذر:

-أنا مش عايزك تضايقي مني، بس ده إحساسي فعلاً ناحيتك.

لم يعلم بأنه يزيد الطين بلة بتحرير اعترافٍ آخرٍ له، فـ "فيروزة" كانت في حالة صراعٍ ما بين المشاعر المرحبة بهذا الشوق، والمشاعر المرتعبة من الانسياق ورائها، ومع هذا لم تقاوم لذة هذا الإحساس المغري، وتركت خدر كلماته يتسرب إلى داخلها، فالقليل من الكلام العذب قد يفعل الكثير في الوجدان.

سكوتها المريب منحه إشارة تحذير ضمنية، ليكف عن الإسهاب في التعبير عن مكنونات صدره، عَمِد إلى تغيير الموضوع، وسألها في اهتمامٍ:

-أخبار الشغل معاكي إيه؟

أجابت مختصرة بعد أن أجلت صوتها:

-الحمدلله.

تقوست شفتاه عن بسمة لطيفة، وهو يعقب:

-ربنا يزيدك، ويبقى من أنجح المحلات في المنطقة.

للغرابة اندهشت من تشجيعه لاستمرارها في العمل، ولم يمنع ذلك فضولها من التجرأ ومخاطبته:

-ممكن سؤال؟

بدا متشوقًا لتبادل الحديث معها، فقال بلهفةٍ ظاهرة في صوته:

-اتفضلي.

ضغطت على شفتيها للحظةٍ قبل أن تسأله مباشرة، وهي تدير رأسها لتنظر إليه ملء عينيها:

-هو إنت مش مضايق إني بشتغل؟

أمسك بها وهي تنظر إليه بنظرة المحقق المشككة في نواياه، فتابعت توضيحها بمنطقيةٍ:

-يعني واحد زيك قادر يصرف على بيت واتنين وعشرة، إيه اللي يخليك توافق إني أكمل في شغلي، ده في حالة لو جوازنا كمل.

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الرابع - كاملةWhere stories live. Discover now