الفصل المائة وثمانية وسبعون - الجزء الأول

Start from the beginning
                                    

استحسن قبولها، ومنحها نظرة ممتنة قبل أن يقول:

-ربنا يخليكي ليا.

استدارت محدقة في انعكاسها في المرآة مرة ثانية، وراحت تضبط حجاب رأسها، قبل أن تستأذنه:

-ممكن أعدي على ماما شوية، هي وحشاني وعاوزة أطمن عليها.

حاوطها من الخلف، وأراح ذقنه على كتفها، ثم أبدى موافقته قائلاً:

-أه وماله، خليكي معاها.

صححت له قائلة بجديةٍ قبل أن يعتقد في بقائها غالبية اليوم:

-لأ، أنا هقعد شوية، وأروح المحل بتاعي أبص على البنات.

منحها قبلة جانبية على وجنتها وهو يرد موجزًا:

-ماشي.

ابتعد بتروٍ عنها، وبدأ في جمع ما تبقى من متعلقاتهما الشخصية، لتتبعه "فيروزة" في تعجلٍ، واضعة بعض الأشياء الصغيرة المتناثرة هنا وهناك في حقيبة أخرى صغيرة، لينتهي كلاهما من إعداد كل شيء. تساءل "تميم" مهتمًا:

-في حاجة ناسينها جوا؟

هزت زوجته رأسها بالنفي، وقالت:

-لأ، أنا بصيت.

انحنى ليحمل الحقائب بكلتا يديه، واستطرد في همةٍ:

-تمام، نتوكل على الله، ونرجع لبيتنا.

حافظت على رقة بسمتها وهي تستعد للتحرك في إثره:

-بإذن الله.

.........................................................

بمجرد أن عادا من رحلتهما القصيرة، أوصلها إلى بيت أهلها، ومكث لبعض الوقت تقديرًا واحترامًا لوالدتها التي استقبلته بحفاوةٍ كبيرة، قبل أن يستأذن مغادرًا المنزل، تاركًا إياها تمكث به ما تشاء من وقتٍ. سوت "فيروزة" خصلات شعرها المتحررة، وجمعتها في عقدةٍ فوق رأسها، لتشرع بعدها مخاطبة والدتها ومعبرة لها عن شوقها إليها:

-وحشتيني أوي يا ماما الكام يوم دول.

قوست "آمنة" ثغرها لتظهر ابتسامة صافية عليه وهي ترد:

-وإنتي أوي، المهم عندي تكوني مبسوطة مع جوزك.

لمعت عينا "فيروزة" بوميضٍ مبهج قبل أن تخبرها:

-والله يا ماما، أنا عمري ما كنت أتخيل إنه يطلع منه الحاجات الحلوة دي كلها، وخصوصًا إن معرفتي بيه في الأول مكانتش أد كده.

ربتت أمها على كتفها مرددة:

-ربنا عوض صبرك خير.

احتفظ وجهها بتعابيره الراضية وهي تقول بصدقٍ:

-فعلاً، ربنا كرمني آخر كرم.

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الرابع - كاملةWhere stories live. Discover now