الفصل المائة وثمانية وسبعون - الجزء الأول

ابدأ من البداية
                                    

-نفسي الوقت معاكي مايخلصش.

ردت بصوتٍ خفيض، وهي تشب على قدميها لترتفع قليلاً، فتضاهيه في طوله:

-الحياة لسه قدامنا.

لثم شفتيها بقبلة أعمق، قادرة على تحريك الراكد من المياه، ليتراجع مرددًا في لهاثٍ:

-ربنا يقدرني وأسعدك.

انخرطا في لحظةٍ خاصة بهما، طالت، واستطالت، ونقلتهما إلى عنان السماء، فاهتاج الوجدان، وتحرَّق الجسد للارتواء، قطع ذلك الانسجام العميق رنين الهاتف، فانسلت "فيروزة" من أحضان زوجها وهي تتحسس صدرها الناهج؛ لكنه لم يتركها تبتعد، ظلت قبضته ممسكة بجانب خصرها، تطلعت إليه وهو يعتذر منها:

-معلش يا حبيبتي، ثواني كده ..

أخرج الهاتف من جيب بنطاله الخلفي، ونظر إلى شاشته هاتفًا:

-ده أمي بتتصل.

هزت رأسها تخبره في ترحابٍ:

-رد عليها.

ابتسم لها، وأجاب على المكالمة قائلاً:

-أيوه يا ست الكل ...

بصنعةِ لطافةٍ تحررت من قيده غير المحكم حول خصرها، لتترك له مساحة من الخصوصية معها، واتجهت إلى مرآة التسريحة حتى تعيد ضبطت هيئتها، أصغت إليه وهو يخابر والدته مبتسمًا، وعيناه تنظران إليها:

-الحمدلله تمام، الله يسلمك يا رب.

اعتلى ثغره ابتسامة أكثر إشراقًا عندما واصل الكلام معها:

-ليه بس تتعبي نفسك؟

مرر يده على رأسه، وتابع في صوتٍ اتخذ طابعًا جديًا:

-طيب حاضر هاقولها الأول، وهرد عليكي بعدها.

بدأ في التحرك ناحيتها وهو يختتم اتصاله معها:

-ماشي يامه، في رعاية الله.

عندئذ تساءلت "فيروزة" باهتمامٍ بعد أن أعاد وضع الهاتف في جيبه:

-خير في حاجة؟

تنحنح بصوتٍ خفيض قبل أن يجاوبها:

-هي أمي عاملة حسابنا في الغدا معاهم النهاردة، لما عرفت إننا راجعين.

ردت بعد لحظة من الصمت المتردد:

-مكانش ليها لازمة تتعب نفسها، احنا هنتصرف يعني.

برر لها حُسن نواياها قائلاً:

-هي حبت تريحنا، وأنا مرضتش أديها كلمة إلا لما أتشاور معاكي.

تقوست شفتا "فيروزة" عن بسمة منمقة وهي تخبره:

-مافيش مشكلة يا حبيبي.

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الرابع - كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن