الفصل الرابع و الأربعون : الرحلة المدرسية (ويليام ضد يوداليت -2-)

Start from the beginning
                                    


سينا ليست من النوع الذي يحتجز الأحقاد و الغضب في نفسها، إن قلبها صاف و هادئ كبركة صغيرة من الماء. لا تريد العيش إلا في سلام و تُحِبُّ لو يكون الجميع سعداء.  لهذا تملّكتها غبطة شديدة عندما أُصلحت الأمور بينها و بين ايليز!  حتى أنها مباشرة بعدما فُصل الحضن، و قبل أن تمسح ايليز دموعها حتى!  أخذت سينا بيدها و ابتسمت سعيدة لها، "الآن دعينا نذهب لنصالحك مع والدك! "

احمر وجه ايليز خجلا، و سينا لم تمنحها الوقت للرفض! بل سحبتها مسرورة كما لو أنها هي من ستصالح شخصا طال خصامها معه،  ثم إلى ريجي أسرعا بالركض معا، واحدة تجر الأخرى خلفها.

يوداليت مثل آناليا و لوكا كان شاهدا على كل ما حصل، على الشجرّة البعيدة عُلًِقت نظراته على الأب الذي يحتضن ابنته الباكية بينما سينا تراقبهما منشرحة الصدر... المشاعر التي تولّدت داخله لم تكن أفضل المشاعر بتاتا.

'على الأقل اكتشفتُ أنني لا أسعد عندما يسعدُ الآخرون... ' ، لقد تذكّر سطراً من الوصايا التي كتبتها ماريا له، أخبرته فيه أن يحب للناس ما يحبّه لنفسه و أن يَسعد لسعادتهم... و هذا السَّطر بالضبط كان متأكدا جدا أن ماريا كتبته فقط لتسخر منه.

"العلاقة الجيّدة بين الآباء و الأبناء هي الأفضل حقاً... أنا سعيدة لكونهما تصالحا رغم أن الأستاذ ريجي أخفى عنا حقيقة أن واحدة من طالباتنا هي ابنته"


بعد سماع كلام اناليا التفت يوداليت منفجعاً نحوها، ابتسامتها الراضية جعلته مستنكرا! عديمة الذوق متهكِّمة الوجه الفاقدة لأعصابها طوال الوقت آناليا سعيدة و تبتسم لأجل أشخاص آخرين؟!  و كما لو أنها أحسّت بما يفكر فيه عنها، التفتت إليه في انقلاب سريع من الابتسامة للعبوس و التأنيب الغاضب، "أما بالنسبة لك فالأفضل أن تبتعد عن سينا!  الطّالبة مجتهدة و مجدّة و لطيفة و ذات أخلاق عالية جدا عليك! لا أريد رؤيتك مجددا تحوم حولها أفهمت؟!  أخشى أن تؤثِّر أفعالك السيّئة و جهلك المقفع على فتاة جيدة مثلها! "


"ا.. و ما دخل أستاذة بالعلاقة بين صديقين خارج المدرسة ؟ " رفع حاجبه مبديا تحديّا لكلامها.  هو عادة ما يتركها تصرخ و تثرثر فوق رأسه دون أن يلقي لها بالا، لكنّه هذه المرة لم يستطع... الضغط حوله و المشاعر السّلبية التي يختبرها حاليا تجعله متوتِّرا و في فوضى عارمة.

"يا قليل الأدب!!!" ، رغم أنه لم يعد يستطيع التركيز فيما يقوله، لكنه نجح بإطلاق سهمه نحو الهدف تماما.  لقد كان محقا، و هي تعلم ذلك و تكرهه كثيرا... فأسوء ما قد تخبر به أستاذا أن يتوقف عن حشر أنفه و يهتم بعمله فقط، ألا و هو التّدريس.

رمى الشّعلة الأولى على القش بكلامه، و لوكا سكبت البنزين على النار بضحكها على الأستاذة... و بالنسبة لآناليا، أن تكون أضحوكة للغير أمر مرتبط بصدمة من ماضيها. إنها تقبل بكل شيء إلا هذا... تقبل بكل شيء إلا أن تصبح أضحوكة!  دماؤها التي صارت تغلي من الغضب جعلت خفقان قلبها يزداد حدّة، فإذا بها ترفع راحة يدها عاليا و تنزل بها قاصدة خذّ الفتى أمامها!

أيها السحرة! احذروا الفرسانWhere stories live. Discover now