الفصل المائة وخمسة وأربعون

Start from the beginning
                                    

-"علا" معاها حق، كنتي فين من بدري، بدل الدوخة دي معاها.

استمرت في ضحكتها وهي ترد:

-عشان تعرفوا بس ...

امتدت يدها لتنتقي ما ستبدأ استخدامه من الحقيبة وهي تتابع:

-طيب يالا نشوف هنعمل إيه في الميك آب، قبل ما تلبسي الطرحة.

.....................................................

داهمها أضعاف ما كانت تشعر به من توترٍ، في اللحظات التي سبقت قدوم عائلة "سلطان" إلى المنزل، حاولت التحلي بالهدوء، وضبط نبضاتها المتلاحقة؛ لكن تكالبت حواسها ضدها، كما لو كانت في خصومةٍ معها، ورغم كونها تُعايش نفس الموقف، إلا أن إحساسها فيه كان مُغايرًا، بدت مشاعرها مرهفة، أكثر حساسية، وأكثر قلقًا عن ذي قبل، وهذا ما لم تستلذه، فهي تفضل الظهور بمظهر الثبات لا التردد أو الارتباك.

رفضت "علا" البقاء معها وحضور اللقاء الودي، وانصرفت بعد أن أنهت مهمتها، متعللة بأن التجمع عائلي، لا يصح أن تتواجد فيه، لتظل "فيروزة" مع شقيقتها في غرفتها، تشبك يديها معًا لتقضي على الرجفة التي تنتابها بين الفنية والأخرى. أمسكت "همسة" بزجاجة العطر ونثرت منها على مقدمة الثوب قائلة:

-كده معدتش في حاجة ناقصة.

سعلت "فيروزة" من الرائحة النفاذة، وطلبت منها:

-كفاية يا "هموس"، ليه كل ده؟

أجابته بقسماتٍ جادة وهي تضيق ما بين حاجبيها:

-يا بنتي الجو حر، وعشان ريحتك تفضل حلوة.

التقطت أنفاسها بعد سعالٍ متكرر، واحتجت قائلة بتبرمٍ:

-بس مش بالشكل ده، أنا نفسي اتخنقت.

استمرت في نثر الرائحة على كل ثوبها وهي تطلب منها:

-خلاص أهوو، خدي الروج تقلي بيه على شفايفك.

انزوى ما بين حاجبيها متسائلة:

-ليه كمان؟ ما هو ثابت.

ابتسمت وهي تعلل لها:

-عشان يا حبيبتي يبقى فريش عليكي.

سئمت "فيروزة" من المبالغة الزائدة منها، وهتفت في نبرة قاطعة:

-مش هاعمل أي حاجة زيادة، أنا كده تمام.

توقفت "همسة" عن إزعاجها، وتركتها جالسة على طرف الفراش، ثم تحركت نحو النافذة، لتتطلع إلى الطريق، ما إن رأت السيارات تتوالى تباعًا لتصطف أمام الرصيف المجاور للمنزل، حتى انتشر الحماس في وجهها، وكذلك في نبرتها وهي تقول:

-شكلهم جوم.

تصلبت "فيروزة" في جلستها، وأحست ببلوغ التوتر لديها أقصاه، لجأت للتنفس بعمقٍ لتهدئ من حالها، وتابعت بعينيها خروج توأمتها من الباب وهي تشدد عليها مستخدمة أيضًا سبابتها في التأكيد:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الرابع - كاملةWhere stories live. Discover now