الثامن والعشرون

ابدأ من البداية
                                    

أمسك فواز بالمقعد المتحرك الخاص بــ ( فهد).
ونظر إلى ميسم التي كانت تدفعه:
- خلاص تقدرين تروحين.
ميسم وهي ترفع ملفا كان بيدها، وتقول بثقة:
- ماني رايحة، عندي أدلة جديدة تطلع فهد من الجريمة السابقة مثل الشعرة من العجين.
قالتها وحركت حاجبها من خلف النقاب.
لينظر إليها فواز بتعجب، ماذا لديها أيضا هذه الصغيرة الماكرة..!
خرج من الحجرة سريعا ودخل إلى الأخرى، الخاصة بالمراقبة.. حيث كان بها زين، مع المحققين الآخرين.
ليستأذن مشرفه في إدخال ميسم.
بما أن لديها شيئا ما.
سمح له على مضض، فميسم صاحبة فضل كبير في حل هذه القضية.
عاد إلى الحجرة، ليتفاجأ بميسم تجلس على مقعده وفهد بجانبها على مقعده.
الأولى تقرأ ما دونه أثناء تحقيقات اليوم بكل جرأة، أما فهد..
فكان شارد الذهن، عيناه ناحية الحائط الخالي من أي شيء سوى اللون الرمادي.
اقترب من الطاولة ليسحب ملفه وقلمه من أمامها.
حين رفعت رأسها نظر إليها بحدة.
أما هي، فتكتفت.. تنظر إلى نجود بتحدي.
لطالما كرهت هذه الفتاة الغبية!
ظروفها الصعبة، ليست عذرا لترتكب ما ارتكبت حتى الآن.

عاد فواز يلقي أسئلته على نجود:
- سألتك عن الدافع في محاولتك لقتل أخوك فهد.
صمتت، تتحاشى النظر إليه بقدر الإمكان.
لن تتمكن من النفي مهما حاولت.
حين طعنته ذلك اليوم، كانت متأكدة من أنه سيموت.
بينما ينزف هذا الكم الهائل من الدماء.
قبل أن ينتبه إليه أحد، سيفارق الحياة.. وستتخلص من هم جاثم على قلبها.
كما توفى ماهر على الفور!
ولكن ميسم..
ميسم سبب كل ما هي به الآن، حين ذهبت إلى المطبخ فور خروجها هي.
فتمكنت من إنقاذه.
ظل الجميع يترقب إجابتها بينما هي شاردة.. خائفة، تشعر بالضياع.
لم ترفع رأسها إلا حين سأل بفهد بعتاب:
- ليش؟
نظرت إليه بتردد، وآلمها قلبها.. كأنها للتو علمت أو شعرت بحجم الظلم الذي تعرض له من خلالها، لترد بنبرة منخفضة:
- لأني خفت، صرت تخوفني.. من تزوجت لجين وانت متغير، صرت أقوى من قبل، وشفت قد إيش رؤى تحاول تضغط عليك عشان تعترف إنك ارتكبت الجريمة وقتلت أخوها، وانت اللي طول 3 سنين تحملت لوحدك وتلقيت كل التهم من دون ما تدافع عن نفسك، كنت عارفة إنك مستحيل تقول إنك سويت هالشيء، وإنك يمكن تعترف بالحقيقة كاملة لأنك حاس بالذنب وحزين على ماهر، خفت أتعاقب على اللي سويته بعد كل شيء.
وأكملت بارتباك:
- وأبوي.. هو اللي حرضني على هالشيء من أول، إني أتهمك في البداية.. ثم أقتلك لأنك الوحيد العارف باللي صار، ما يدري إني ما علمتك عن شيء أساسا.
ضحك فهد بألم، ليقول:
- ظلمتيني كثير يا اختي، اسألي زين.. كم مرة حاول معي عشان أعترف بالحقيقة، وإيش كان ردي! قلت له إنه عادي جدا أتعاقب بدال مرتكب الجريمة، بس مستحيل أعترف بالحقيقة يا نجود، كنت مستعد أضحي عشانك، عشان ما تعانين مثل قبل، وعشان أمي قلبها لا يعورها عليك، ولأني حبيتك أكثر من أختي الحقيقية، لكن انتِ بغبائك.. وصلتِ هنا.
تأوهت بألم، وشهقت من الصدمة.. وهي تعود وتجهش بالبكاء مرة أخرى.
بينما ميسم رفعت عيناها لتقول:
- حبيتها أكثر مني؟
تمالك فواز نفسه بقوة حتى لا يضحك وهو يسمع همسها المصدوم، في وسط تحقيقهم وفي أوج صدمة الجميع!
أكمل فهد:
- من صدمتي هذاك اليوم ومن حزني على ماهر.. ما سألتك حتى عن التفاصيل، اكتفيت بالتخلص من الأدلة حتى قبل لا أتفقد كاميرات المراقبة، وإلى اليوم يا نجود كنت جاهل السبب اللي خلاك تقتلين زوجك ولد عمي، ما سألتك لأنه السبب ما كان هامني قد ما كنت شايل همك، وانك يمكن تتعقدين وتعانين يا نجود، كان كل همي أحميك.. وانتِ كان كل همك تخرجين من الجريمة كأنك ما سويتِ شيء، لدرجة انك صرتِ تتهميني كأني صدق ارتكبت الجريمة، وكأني صدق قتلت ماهر، ونكرتِ المعروف اللي سويته يوم أخفيت الأدلة عشان ما تتورطين، ولو كنت أدري إنه أبوك له دخل، صدقيني ما كنت أتردد لحظة وحدة قبل لا أعترف، من وين لك هالقلب القاسي يا نجود؟ كيف قدرتِ تحمين هالمجرم اللي ورطك وانتِ صغيرة؟
عضّ شفته بألم وأكمل بحرقة:
- الأدلة اللي كنتِ تدورين عليها قبل أسبوعين، تخلصت منها قبل 3 سنين، عشانك.. عشان تكونين بأمان.
ضحك ليكمل:
- وانتِ بكل سهولة حاولتِ تقتليني.

الجزء الثاني من سلسلة ملامح الغياب: هزائم الروح حيث تعيش القصص. اكتشف الآن