الفصل مائة واثنان وعشرون

Start from the beginning
                                    

-أنا مقولتش إني ملاك، بس مراعي ربنا في مراتي، فماتجيش إنتي وتخربيها.

رددت في تهكمٍ، وهي تنظر إليه في عدم تصديقٍ:

-أخربها؟ إنت عارف كويس إنت اتجوزتها إزاي.

بادلها نظرة بغيضة قبل أن يدمدم قائلاً:

-مظبوط، بس حبيتها، ومستعد أعمل أي حاجة عشان تبقى مبسوطة معايا، وهي ماشتكتش.

هزت كتفيها قائلة بنصف ابتسامة، كأنما تسخر منه:

-أتمنى تفضل كده.

بلغ غضبه مبلغه، فهدر بها في تشنجٍ، وقد اشتعلت نظراته نحوها:

-في إيه؟ إنتي بتتعاملي معايا كده ليه؟

توترت من عصبيته الزائدة، خاصة أنها نشطت ذاكرتها بمشاهدٍ حملت نفس الأوجه القميئة الغاضبة التي ألحقت بها الأذى وبشدة. عفويًا تراجعت خطوتين للخلف لتنأى بنفسها منه، بينما استمر "هيثم" في الصياح بحدةٍ وهو يلوح بذراعه أمام وجهها:

-عمري ما جيت جمبك، ولا أذيتك، وعارف إنك مش طيقاني، ولا أنا بقبلك كمان ...

تفاجأت من اعترافه الفظ هكذا علنًا، وحملقت فيه بصدمةٍ لجرأته على الإفصاح عن ذلك بسهولة، كأنما كان يتحين الفرصة للنطق بهذا دون ندمٍ أو خجل، استمرت في الابتعاد عن محيطه، في حين أنه واصل هديره بها مهددًا:

-بس متقلبيش عليا مراتي وتخليها تكرهني، عشان مش هسكت!

لم تظهر إحساسها بالخوف في تلك الحظة، فنفس التعابير الحانقة جعلت بدنها يقشعر، وهتفت في شجاعة غير حقيقية:

-أنا بحذرك!

انتفض يلوح بذراعه بعدائيةٍ أمام وجهها وهو يكز على أسنانه:

-وأنا قولتلك مليون مرة أنا بحبها، ليه مش مصدقة؟

ثم التقط بيده أحد الأطباق الصغيرة، وقذفه أرضًا ليتحطم في عنفٍ جعلها تنتفض خوفًا، وهو مستمر في صياحه الذي ارتفع على الأخير:

-عاوزاني أعملك إيه عشان أثبت إن نيتي صادقة؟

اتسعت عيناها رهبة منه، وتراجعت بظهرها للخلف حتى التصقت بحافة الحوض وهي ترتجف كليًا من طريقته، رغمًا عنها استحضرت في عقلها وجه "آسر" وتصرفاته العنيفة معها، فأصبحت تراه متجسدًا أمامها بدلاً من منه، متذكرة كيف استحقرها، وعاملها بدونية قبل أن تتحول معاملته لطريقة بدائية ووحشية ترسخت معالمها العنيفة في الذاكرة قبل الجسد، وظلت آثارها ملازمة لها إلى الآن. تسمر الأخير في مكانه متابعًا لومه الصارخ بها:

-إنتي إيه؟ معندكيش دم؟ ابعدي عننا بقى، وسبينا نعيش كويسين.

انتصبت شعيرات جسدها أكثر، وأصابتها انتفاضة أخرى مصحوبة بوخزات حسية جعلتها غير قادرة على الصمود، بالكاد نجحت في التمالك حينما جاءت "آمنة" على إثر صراخه، لتتساءل بعد أن فتحت الباب ووزعت نظراتها الحائرة بينهما:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الرابع - كاملةWhere stories live. Discover now