تمرّد مقالات

CriticsTeam által

38K 4.7K 6.6K

تمرّدت أقلام أعضاء فريق النقد، وأعلن كل فرد ثورةً لأجل أن يكتب ما يُمليه عقله الناقد، من مقالاتٍ جدليّة فلسفي... Több

مقدمة
الجنس في الأدب
متى يعلنون وفاة العرب؟
ألأنني مختلف؟
مقال شبحي
وأدٌ أدبي
أسطورة
العاطفة بين العار والرذيلة
قلم معجب
بين الابتذال وجودة المحتوى
ثورةٌ واتبادية- أسوة
عبر الفضاء والزمن
من الورقة إلى الشاشة
إن لم تكُن ذئبًا.. اكتب عن ذئب!
قهقهات جدي والكوميديا
لا حاجة لك لتتحدث كي أسمعك...!
في غِمار الميثولوجيا
المجرم بريء حتى تثبت إدانته
من سرق كلماتي؟
مصنع الرّجال
Creepy Pasta
إمبراطورية في البحار
كالنقش في الحجر
متلازمة الصفحة البيضاء
ميتافيزقية النفس البشرية
سيكولوجيا الأدب
في الفضاء مع زحل
أدب الحرب
أدب المهجر
متلازمة شبح / ستوكهولم
الرثاء في الشعر العربي
كيف تقولها بلهجتك؟
الأدب خلف أسوار السجن
الكاتب
أبو الطيب المتنبي
الدُّمية
مشنقة المنطق
عُري الكاتب
هل أصابك مسّ من الجنون؟
هل تشرب الأسماك القهوة؟
الأدب الأندلسي في عهد سيادة قرطبة
نجومية الجنسوية
فضاء من ورق
تذكرتان إلى مقبرة النُقاد المنسية
على الخشبة ألوان
اغتيال السيد منطق
جزء من طفولتنا
بساط الريح : قطٌ ونهاية

مجنون ليلى

512 75 58
CriticsTeam által

وقد يقود الهوى العقل إلى الهاوية، يرديه طريح الجنون، ليميل الوعي بالإنسان حتى تَبكيه الجفون، يُنشيه التواء المهج على حبيب وهو في الحياة مدفون!

سآخذكم معي في جولة ننفض فيها الغبار عن هلاك محبين وهم من هواء الدنيا لا زالا يتنفسان...
قيس بن الملوح الملقب بالمجنون، وحبيبته ليلى بنت مهدي المُكنّاة بأم مالك استنادًا على قول قيس:

تكاد بلاد الله يا أم مالك ** بما رحبت يومًا علي تضيق.

العاشقان اللذان طالما كانا مثالًا في الحب، وظلوا.

دخول التاريخ ليس حبرًا أسمك تسطره على أي ورقة وتمضي، بل قد يكون ثمن الدخول له أنفس تُجتث تاركةً الجسد يحتضر، فإذا أتم عمره، مات.

ولأدخل لكم في جوف القصة، وأقتطف من هنا لمحة ومن هناك لحظة، سأبدأ قصتهما منذ الصغر، حيث ما زالا في اختراع الألعاب الجديدة شاردين، يرعيان الغنم متحابين، وألفة الصداقة بينهما قائمة، فللأطفال في براءة حبهم جمال، حتى كبروا، ومنعوا عن قيس مؤنسته وصديقته، ومن هنا تبدأ حكاية تعارفهما، ويؤكد هذه الحكاية بيت للمجنون قائلًا فيه:

تعشقت ليلى وهي غرّ صغيرة

ولم يبدُ للأتراب من ثدْيها حجمُ

صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا

إلى الآن لم نكبر ولم تكبر البهمُ

ولحدث تعارفهما قصة ثانية، اختلف فيها الناقلون، تبدأ بخروجه من الحي على سبيل النزهة راكبًا ناقته وعليه حلتان من الديباج والحرير، فأقبل على بعض الغدران، فوجد جماعة من البنات والنسوان، ليحييهن بالسلام، وتكلم معهن بأفصح الكلام، فأخذ يُقلب عينيه بينهن، حتى وقعت على ليلى عيناه، فأفتتن بها واندهش، وخفق فؤاده وارتعش، فقال لها: هل عندكن شيء من طعام؟ قالت لا يا ابن الكرام، ليقوم إلى ناقته فنحرها، وسألها: هل تأكلين الشواء؟ ردت بنعم، فوضع اللحم على النار وانشغل بتقليب الأخبار عليها، مما استجدَّ في الأدب من مضمار، فقالت بعد حين: انظر إلى اللحم هل استوى أم لا؟

فأدار يديه قاصدًا اللحم فأمسك بالجمر بكلتا يديه، ليسقط مغشيًا عليه، وقد أكل الجمر باطن راحتيه، فلما رأته بتلك الحالة مدت له ذراعها لينتصب قائمًا، وشدت يديه بهدب قناعها، لئلا يزيد ألم يديه، وعرفت أنه قد غرق في بحر هواها، فأحمر وجهها من الحياء، فأقام قيس معهن في ذلك اليوم الى المساء.

وهذه هي القصة المشهودة على لقائهما، ومهما كانت البداية فهي الأجمل دائمًا.

ومن مقتطفات الأحداث التي حشت جمال البداية أنه طلب منها في يومٍ أمرًا ليعرف هل له في قلبها كمثل ما لها في قلبه، فرفضته وردته لنفس مناه تمنعت، فاصفر وجهه وتغير، حتى كاد أن يتفطر، فأنشد قائلًا:

مضى زمن والناس يستشفعون بي

فهــل لي إلى ليـــلى الـغداة شفيع

يضعـفـني حُبِّـيْـكِ حتى كــأنني

من الأهل والمال التليـــد نزيـعُ

إذا ما نهاني العاذلــــون بحبها

أبت كبدي مـمــا أُجِــن تُطيعُ

وكيف أطيع العاذلين وحبها

يؤرقني والعــاذلون هجوعُ

فلما سمعت شعره بكت من فؤاد متْبول، وأنشدت:

كلانا مظهرٌ للناس بغضًا

وكلٌّ عند صاحبه مكين

وأسرار الملاحظ ليس تخفى

وحبك في فؤادي لا يبين

وكيف يفوت هذا الناس شيء

وما في الناس تظهره العيون

فطب نفساً بذاك وقر عينًا

فإن هواك في قلبي معين

وصارت المحبة تنعقد كل يومٍ عقدً جديدًا، حتى صدف أن أبا قيس طرق بابه ضيوف ليلًا، فأرسل قيس ليقرض له سمنًا من عند أبي ليلى، فقال أبوها: يا ليلى اخرجي ذلك النحي، واقضي حاجة الفتى، ودعيه يذهب من حيث أتى...
فخرجت بالجرة إليه، وسلمت عليه، وصارت تسكب السمن في الإناء شاكية له شوقها إلى رؤياه وحبه بقلبها، فطاب له كلامها، وأخذ منهما الكلام مأخذ، حتى امتلأ الإناء وبدأ حوله يقطر، ومازلا يتحدثان نحو ساعة من الزمان، حتى غطى السمن أرجلهما وهما في عشقهما غارقان، لاحظ أبو ليلى طول غيابها، فناداها ولم تنتبه له، ولا ردت عليه، فخرج ليستكشف الخبر...
فرأهما على تلك الحالة، ليستشيط دمه غضبًا، وتزداد عروقه بروزًا، فمنعها الزيارة في الليل والنهار، وحجبها عنه خشية الفضيحة والعار، فصار قيس يغتنم غفلة الرقيب ويلقاها ليفرغ لها ما بقلبه من لهيب، فلما بلغه أمرهما شكاه إلى الخليفة مروان، وأعلمه بذلك الشأن، فكتب إلى عامله الذي كان واليًا على تلك القوم، يأمره بأن يجتث رأسه من جسده لو زارها مرة اخرى.

فلما قرأوا عليه ذلك الكتاب، وأعلموه بحقيقة الخطاب، تنهد وتحسر وتنغص عيشه وتمرمر، فقد منعت عنه ليلى من كان يحب ويهوى.

وبعد أن ذاع صيت أمرهما، وبدأت الناس تنشد شعره فيها، خطبها وبذل لها خمسين ناقة حمراء، وخطبها ورد بن محمد، وبذل لها عشرًا من الأبل وراعيها، فقال أهلها إنا مُخيروها بينهما.

ودخلوا إليها وقالوا: والله لَئِن لم تختاري ورد لنمثّلنّ بكِ، فاختارت وردًا على كره منها، فزوجوها إياه من دون علم المجنون، فلما بلغه الأمر جن جنونه، وأضحى يبكيها شعرًا ليل مساء، فإذا مر ببيتها تخطاه وهو ينشد:

ألا أيها البيت الذي لا أزوره

وإن حله شخص علي حبيب

هجرتك إشفاقًا وزرتك خائفًا

وفيك عليّ الدهر منك رقيب

سأستعتب الأيام فيك لعلها

بيوم سرور في الزمان تؤوب

فلما ازداد حاله سوءًا، أشار أهل القرية على أبي قيس أن خذه لمكة يطوف حول الكعبة علّه ينساها ويُخرج من قلبه ليلى، فأذعن الوالد لنصائح أهل الحي، وذهب به إلى مكة، فحتى إذا بلغ منى، سمع من المجنون صرخة وكأن روحه خرجت بها وهو يقول:يا ليلى، وسقط مغشياً عليه، ولم يزل كذلك حتى عاد إليه وعيه فأنشد يقول:

إذا بان من تهوى وأصبح نائيًا

فلا شيء أجدى من حلولك بالقبر

وداعٍ دعا إذ نحن بالخيف من منى

فهيج اطراب الفؤاد وما يدري

دعا باسم ليلى غيرها فكأنما

أطار بليلى طائرًا كان في صدري

ثم بلغوا الكعبة، فقال له أبوه: «تعلق بأستارها، واسأل الله أن يعافيك من حب ليلى» فتعلق بأستار الكعبة وقال: اللهم زدني لليلى حبًا، وبها كلفًا، ولا تنسِني ذكرها أبدًا.

وأخذ يهيم في البرية، حتى ألفته الوحوش ولم تنفر منه، فأضحى يُرى تارة في نجد، وأخرى في الشام.

نعم يا سادة قد يصل العشق بالإنسان أن يألف الوحوش فهي أخير له من البشر، وحوش تقبلته بينها وهو محب لليلى، لا تجبره على التكتم فيها ونسيانها، فقد تكون الوحوش أحياناً أرحم من البشر.

وأما ليلى فظلت تبكي قيسًا بعد زواجها من الرجل الثقفي، يدل على ذلك ما رواه أحد شيوخ بني مرّة، أنه ذهب إلى الشام في طلب حاجة له، فلاقاه مطر غزير فعدل إلى خيمة قريبة، خرجت إليه امرأة فسألته من أين أقبلت فقال: من ناحية تهامة و نجد، فأدخلته سترًا من المطر ثم سألته، وأي بلاد نجد وطأت؟ فأجاب: كلها، فبمن نزلت؟ -ببني عامر، فبأي بني عامر نزلت؟ فأجاب: بني الحريش، فتنفست الصعداء، وقالت: هل سمعت بذكر فتى منهم يقال له قيس بن الملوح؟ ويلقب بالمجنون؟ قال: بلى والله، وعند أبيه نزلت، فعلمت أنه يهيم في الفيافي مع الوحوش لا يعقل إلا أن تذكر له امرأة يقال لها ليلى، فيبكي وينشد أشعارًا قالها فيها، قال: فرفعت المرأة الستر بيني وبينها فإذا هي أشبه ببدر لم ترَ عيني مثلها، فبكت حتى ظننت أن قلبها قد انصدع، ظلت على تلك الحال من البكاء والنحيب حتى سقطت مغشيًا عليها، فقلت: من أنتِ؟ وما قصتكِ؟ فقالت: أنا ليلى المشؤومة عليه.

وهذه قصتهما أخذت منها جزءًا بسيطًا لأرويه لكم، هذا حال ليلى، وذاك حال قيس حتى وافته المنية، فقد رُوي أن امرأة من قبيلته كان تطبخ له وتضع الطعام في مكان معين، فإذا عادت في اليوم التالي لم تجد الطعام لتعرف أنه لا زال حيًا، وفي يوم من الأيام عادت لتجد الطعام على حاله، فأبلغت أهله بذلك، فلما بحثوا عنه وجدوه ملقى على كومة صخور وهو ميت، فأقاموا له العزاء.

وقال الهيثم: حدثني جماعة من بني عامر «أنه لم تبقى فتاة من بني جعدة ولا بني الحريش إلا خرجت حاسرة صارخة عليه تندبه؛ واجتمع فتيان الحي يبكون عليه أحر بكاء وينشجون عليه أشد نشيج، وحضرهم حي ليلى معزين، وأبوها معهم، فكان أشد القوم بكاءً عليه وجزعًا، وجعل يقول: ما علمنا أن الأمر يبلغ كل هذا، ولكنني كنت امرءًا عربيًا يخاف من العار، وقبح الأحدوثة ما يخافه مثلي، فزوجتها وخرجت عن يدي، ولو علمت أن أمره يجري على هذا ما أخرجتها من يده ولا احتملت ما كان علي في ذلك. قال: فما رُئِي يومٌ كان أكثر باكيةً وباكيًا على ميت من يومئذ».

وهنا أختتم لكم قصة مجنون بالحب والهوى، مجنون لم يرحمه القدر، وأخذ يعطيه في كل يوم صفعة ترديه طريحًا؛ هذا هو الحب، هذا ما يسمى حبًا، لا أكاذيب الآن والكلمات التي تقطر عسلًا، فاتعظوا منه وتجنبوا الحب قدر المستطاع، فهو محرقة للقلوب.

ستقعون يومًا؛ لكن حينها اختاروا من أحبكم كحب قيسٍ لليلى.

وألقي عليكم سلامي، وألقاكم بقلوب تقطر حبًا للحياة.

-آنسة سين🖤

Olvasás folytatása

You'll Also Like

1.2M 53.9K 114
حكايه عمر ....الشيء ونقيضه حكايه عجزت عن فك شفراتها التي سحقتها بين شقي رحاها
169K 1.8K 17
....
13.4M 552K 75
زفر بهوى حار لفح وجهي من قوته، گام وشال السلاح الحاطه ؏ المكتب ولبسه بخصره عدل شواربه ولبس طاقيته بَـس مبين عليه متوتر من هذا الرائد عاصم لكن خاب توق...