الدُّمية

374 52 26
                                    


من منا لم يكن طفلًا، وتمنى طفولة رائعة يقصها على أطفاله مستقبلًا، ومن منا لم ينلها؟

من عومل كطفل؟ ومن وقع عليه الاختيار ليكون آلة تفريغ لمرض بعض البشر، والكارثة أن أجيالًا مؤلفة وُضعت في هذا الموقف، وعوملت كحشرات مُتطفلة على هذا المجتمع الوحشي.

أظن أن هذا مُنذ قديم الأزل، ولا يقتصر الأمر فقط على العصر الحالي الخادع المُقنع بالتقدم والرُقي، ويكمن بين ثناياه الكذب، الجهل، والتخلف.

إن لمفهوم الطفولة تاريخًا حافلًا بالأعمال الوحشية، وكأن الطفل دُمية يحق للآباء والمُجتمع تحريكها كما يشاؤون، وعلى الطفل ألا ينطق بحرف! بل ويكون راضيًا أيضًا.

لطالما كان الطفل ضحية الأعمال المُرعبة المطلية بالخير، ولا يعرف شرها غير ضحيتها.
ربما نستطيع إعطاء أجدادنا منذ قديم العصور عُذرًا بسيطًا، أنهم كانوا جهلة بعقول لا تدرك مفهوم حقوق الطفل، ولكن ما عُذرنا الآن؟

مما ذُكر بالقرون الوسطى أن تربية الأطفال كانت تتسم باللامُبالاة والإهمال، والأسوأ (الوحشية)، هذا دون ذكر الفقر وارتفاع مُعدل وفيات الأطفال الرُضع الذي يصل للثُلث، وغالبًا ما يتم إرسال ذوي الأسر الصغيرة كخدم ليعملوا لدى أقاربهم.

تطور الأمر قليلًا عند بداية العصر الحديث، حيث بدأ تعليم الأطفال أصول الخلق السليم واحترام الآخر، وعام «1500» كان من المُعترف به في أوروبا على نطاق واسع أن الأطفال يمتلكون حقوقًا بالنيابة عن أنفسهم.

تساءل جان جاك روسو:
-من مُفكري عصر التنوير التابع لاستقلالية وأهداف الطفولة؟ لماذا نسلب الأفراح التي تمر بسرعة من هؤلاء الأبرياء؟ لماذا نملأ الأيام الأولى بالمرارة التي لم تعود لهم ولا لكم؟ وهذا ما أتحدث عنه.

بريطانيا في العصر الڤكتوري كانت تسمح للعائلات بإرسال أطفالهم للعمل في مصانع بأجور تعود للأب (رق مُقنن)، حيث صور حياة الشوارع في لندن تشارلز ديكنيز وغيره، مما أدى إلى تخفيض العمالة تدريجيًا حتي أكدت بريطانيا على حرمة الطفل ودور الأسرة، و مع بداية القرن التاسع عشر درس (تشوداكوف) دفع الأطفال للحصول علي حُرية اللعب، مما أدى إلى تطور المفهوم.

حتى ظهر مفهوم حقوق الطفل

و الذي لم يظهر من عدم بل ظهر من المُعاملات التي كان يتعرض لها الأطفال وكأن لا حق لهم بالحياة، فللطّفل الآن الكثير من الحقوق وبالأخص الحياة الآمنة التي لا يجدها الأطفال في قطاع غزة في فلسطين المحرومون من هذا الحق، الحرب على قطاع غزة في «2008» كانت أكبر مثال على انتهاك حقوق الإنسان وخاصة الطفل.

أشهر نماذج سوء مُعاملة الأطفال هو إهمال الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة، والإهمال يكون من الوالدين نفسيهما حيثُ يُشكل آباء الضحايا نسبة 79.4% من إجمالي من يُمارسون العُنف والإهمال ضد الأطفال، مما يؤدي إلى حدوث تأثيرات ضارة على النمو الجسدي والإدراكي، و الافتقار للحس العاطفي، و يجدون صعوبة في التمييز بين المشاعر، وعند التعرض لمهام حل المُشكلات يتسم ردهم بالغضب والإحباط، و يكونون أقل حماسًا لاستكمال المهام الجديدة.

تمرّد مقالاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن