من سرق كلماتي؟

652 92 59
                                    

«... ثم دخل اللص بين الصفحات دون قناع يخفي هويته، فيدهُ لن تُبتر ولن يمتثل أمام القانون، أعجبهُ بريق الكلمات وأيقن أنه الرابح بعد معرفة وقعِها على القلوب، حمل ما يستطيع حمله منها، هرب مرتاح البال سعيد المزاج فقد أيقن بربحه هذه الكلمات، يشبه هذا اللص كائنًا مجوَّفًا، مكان الأفكار والإبداع والذمة والضمير فارغ بعد أن قد تم انتزاعهم بقسوة عندما توقفوا عن العمل دون حتى أن يتم إعطاؤهم فرصة للإنعاش والبدء من جديد، يا لها من جناية بشعة لا تقل عن سرقة الأموال والممتلكات!»

مقطعٌ من قصة قصيرة حزينة تتكرر كأسطوانة مشروخة، عنوانها هو السرقة الأدبية في الواتباد.

رُبما موضوعنا اليوم أشمل وأوسع من مجال الواتباد نفسه، المعاناة هنا أكثر، مطاردة سارق على الشبكة العنكبوتية بالتأكيد أصعب من الواقع بمراحل.

السرقة هي الاستيلاء على ممتلكات الآخرين، ومنها السرقة الأدبية التي هي موضوعنا اليوم، وتعريفها كما جاء في الموسوعة الحرة: «السرقة الفكرية أو الأدبية هي ادعاء شخص صراحة أو ضمنيًا بكتابة ما كتبه آخر أو النقل مما كتبه آخرون كليًا أو جزئيًا بدون عزو أو اعتراف مناسب»، وهي لا تقل عن سرقة الماديات.

وأنواع السرقة الفكرية هي:

النسخ والاستنساخ: النسخ هو أن يتم نسخ أجزاء كبيرة من النص، أما الاستنساخ فهو نسخ النص كاملًا.

المزج والمزيج: المزج هو عبارة عن مزج نصوص تم ذكر مصدرها مع أخرى لم يتم ذكر مصدرها. أما المزيج فهو أيضًا عبارة عن مزج نصوص من مصادر مختلفة ولكن دون ذكر أي مصدر.

الاستبدال: نسخ قطعة نصية مع استبدال بعض الكلمات فيها

التكرار: نسخ من نصوص الفرد نفسه دون ذكر المصدر.

***

ها هو كاتبنا، يقرأ الكتب في شتى المجالات، يجمع المعلومات، يمسك المعاجم، يتعرض لانتقادات، يحاول من جديد، يفكر في أفكار جديدة مبتكرة، وأخذ التفكير في ثمرة جهده نصيبًا كبيرًا مما يدور داخله، المجد الخالد في الأذهان والكلمات الخالدة في الصفحات، ثم يأتي سارقنا ويدمر كل شيء، غالبًا ما يكون دافع سارقنا هو الإعجاب وإرادة الحصول على نجاحٍ مشابه لنجاح كاتبنا بالاتباع لا الابتداع.

الغريزة هي تصرفات يولد بها الإنسان ولا يتعلمها، ومن أهمها حب التملك والانفراد بالأشياء والأفكار، لولاها لما قامت السرقات ولما قامت محاكمات اقتصاص للمسروقين الذين يجاهدون في استرداد ما سُرق منهم، وأنا متأكدة تمام التأكد أنه عندما يكون السارقون مسروقون، ستدفعهم غريزتهم للغضب وللحاق بالسارق كما حدث مع من سرقوهم تمامًا.

ومن إحدى أشكال السرقة البشعة، أن تقوم بنشر أي نص أدبي ليس ملكًا لك، عليه حقوق طبع ونشر، فهنا ربما تتعرض للمساءلة القانونية.

للسرقة الأدبية ثلاث أنواع نستخرجها من القول التالي:

«وهو أن يعمد الشاعر إلى أبيات شاعر آخر فيسرق معانيها وألفاظها وقد يسطو عليها لفظا ومعنى ثم يدعي ذلك لنفسه.»

إذًا كيف أحمي قصتي وكلماتي من أنواع السرقة المختلفة؟

الحقيقة أنه ليس هناك طريقة لذلك، بمجرد أن تكون كلماتك في مرأى للعلن فهي قد دخلت تحت جناح الخطر، ولكن لننظر إلى السرقة من الناحية الإيجابية، هناك من اختارك أنت تحديدًا وأعجب بأفكارك وبكلماتك حد السرقة! مع ذلك نحن لا نبررها.

بسهولةٍ لك أن تقوم بالتبليغ عندما يتم التعدي على حقوقك، وستجد الكيفية في فصل «كيف أبلغ عن انتهاك الحقوق» في كتاب «الربيع العربي» في حساب السفراء.

ماذا عن: كيف أتجنب السرقة الأدبية؟

عليك بكل بساطة ذكر الكتاب الذي أخذت منه هذا الاقتباس، أو ذاك الفيلم الذي أخذت منه تلك الأسطورة، قم بنسب كل شيء لصاحبه، فلا عار في ذلك، إنما العار في عدم فعل ذلك.

أعزائي، هناك بالبلاغة ما يُسمى التّناص، وهو توجيه نص بدفة أخرى.. يتشابه النصان لحدٍ كبير بالفكرة والشكل لكنهما يختلفان، التناص عادة يكون لنص أول مشهور تسخره بنصك مثل قصيدة «أنا يوسف يا أبي» التي تشبه شكلا ومضمونا قصة سيدنا يوسف من القرآن الكريم.. ولهذا لم يحتج الكاتب للإشارة لأن هذا التشبيه من كلام الله ونحن نعرف هذا مسبقًا.

الأفضل أن تقتبس بحذر، كي لا تقع في شباك المساءلة القانونية، وأن تحمي عملك واتباديًا بوضعك عند حقوق قصتك «جميع الحقوق محفوظة»، ففي حالات يتخلى الكاتب عن حقوقه دون معرفته وحينها لا نستطيع أن نقول أن الآخر «سرق» النص أصلًا.

حقوقك ككاتب تظل محفوظة حتى بعد موتك بعقود، ثم تختفي وتصبح كتابتك ملكًا للجميع، من الجميل أن تترك أثرًا طيبًا وراءك، أثرًا طويل المدى... كالكلمات.❤

المصادر (كي لا أكون سارقة😂):

-ويكيبيديا الموسوعة الحرة
-معجم البلاغة العربية وكتاب السرقات الأدبية للكاتب بدوي طبانة

هذا الفصل من كتابة العضو الجديد زُحل.❤

دمتم بودٍّ.

تمرّد مقالاتOnde as histórias ganham vida. Descobre agora