اغتيال السيد منطق

514 57 192
                                    

إن كان على كاتبٍ أن يصف الراحة والسلام فإن الوسيلة المثالية هي (الوسادة) ليس المقصود بها تلك التي تعلو السرير حكمًا، بل أيًا ما يمكن توسده، حتى ذراع المعني الخاصة، ساعاتٌ تمضي وكل ما يتخللها هو نومٌ أينما كان وسيكون... كان داكنٌ، غير مألوف الملامح غارق في نعيمه من اللاشيء.

يُحجب القمر تحت خفقاتِ أجنحة طائرٍ ليلي، ما يجعل وجوده عاملًا مسببًا في نوم أطول، أكثر راحة ومعتم، ريشه المتساقط كنزٌ يُجمع لحشو وسادة عيد الميلاد القادم.

«هل تريد أن نعمل معًا؟» نبرة أقرب للوجوب والتذكرة عن كونه سؤال، نُقر السلام كله من قبل ستريغي.

بدا الداكن يُفكر، والأفكار تساعد على النوم، تلافيًا لإضاعة الوقت تم إخباره عن نوع العمل القادم، شيء بسيط يمكنه القيام به، في غرفة مظلمة إلا من ضوء مُسلط فوق بقعة واحدة لا غير، على زميل طاولته ينتظره، فكانت تلبية وحدته لكسرها واجب.

خلف السائق الخاص جلس كلاهما، ستريغي تتحدث لزميلها ورغم أنه يسمعها معلقًا بين الحين والآخر، لكن تركيزه في هاتفه استفزها غير ناسية أن احتمال عدم استيعابه لما تقوله عالية، فضلت أن تساهم في محو إنقاذ الهاتف من كثرة التقليب العجولة، بذلك هي وجهت أنظارها نحو الشاشة حيث رأت كم الأنواع الكثيرة للأسرة ومكملاتها.

بأي حال انتهى وقت النقاش، أمام مبنى مرتفع زجاجي الواجهة في نصفه الأسفل، مطليًا بطبقات داكنة أعلاه توقفت السيارة، دون تأخير تقدما نحو الداخل، بين الأروقة يبحثان عن الغرفة المطلوبة.

في الملف حوت ورقته الأولى معلومات زائرهما:

الاسم: كاتب.

العمر: سنوات ثقة واتبادية مطلقة.

الجرم: اغتيال المنطق.

رمشت ستريغي عدّة مرّات وهي تقرأ معلومات الملف، متسائلة إن كان العالم فعلًا ما يزال ينتج مثل هذه المخلوقات الغريبة حتى بجرائمها. تقلب البديهي من المعطيات بين الأوراق لتفطن أن ما بين يديها يمثل أكبر ملف سبق ورأته عن أحدهم... فقط، ما حجم الكوارث التي قام بها؟ وإن كانت كلّها تحت ذات المسمى اللامنطقي، فستعتذر ومرافقها عن أي كمية تعاطف تتخلل التحقيق.

انتبهت أن زئبقها الداكن لم يعد يسير بجوارها، وتستبعد أن نشاطه المضمحل قد جعله يسبقها، لذا التفتت هي للخلف تلمحه هناك واقفًا يحدق بعينين فارغتين... أو هما تلمعان حماسًا ناعسًا تجاه شيء ما؟ لقد مرّت قبل قليل من زنزانة ذات سرير ووسادة. قطعت اتصاله البصري مع فردوسه ذاك بالملف أمام وجهه «القضية!».

تمرّد مقالاتWhere stories live. Discover now