على الرغم من غضب فيديل الا انه لم يذهب الا بعد ان تأكد من وصولها للنزل و عاد لذلك المكان المظلم و ابتلعه الظل و اصبح في القصر و عما يبدو ان هناك فوضى عارمة قد قامت في المكان بحثا عنه في العاصفة و لم يكتشف ذلك الا عندما خرج من جناحه و رأى الحراس و هم متفاجئين بوجوده داخل القصر .
قال احدهم " سمو الامير كيف عدت للداخل؟".
لم يفكر فيديل بأي تفسير و لم يتوقع انه قد احدث أي فوضى , قال لهم " منذ قليل لقد جئت امام اعينكم يجب ان تمعنوا النظر , لستم حراسا جيدين كما ظننت ".
ذهب للمقصلة و قال للملك انه عاد , حاول ان يخبرهم بطريقة ما انهم لا يجب ان يقلقوا كثيرا عليه على الرغم من ان التعب بادي على وجهه و لكنه لن يصاب بأذى .
جلس في زاوية المقصلة بالقرب من اخية في المكان الذي يجلس فيه الامراء و على الرغم من العاصفة في الخارج الا ان الناس تواصل الدخول للملك تشتكي و يعمل على شؤون البلاد حيث يبدو ان جميع القرى الغريبة قد تضرروا كثيرا من هذه العاصفة و سوف يرسلون فريق المعونات .
حين كان الملك مشغولا بالتجهيزات و الملكة تستمع لجميع ما يحدث فإن الملك لا يقوم بأي خطوة الا بعد مشورتها , جلس فيديل بالقرب من اخيه كروان بهدوء و قال كروان " هل عدت للنزل؟".
"لم ادخل فقط ذهبت للنهر ". – فيديل
"هل استطعت ان تراها ". – كروان .
"لم يحالفني الحظ , فإن العاصفة قد افسدت كل شئ و التقيت بتلك الفتاة المنحوسة". – فيديل.
ضحك كروان و فهم من تكون تلك الفتاة و لكنه لم يرى فيديل يتلفظ على شخص من قبل , كان شكله وهو يضحك غريبا في المكان و ثم عاد لوضعه الجاد.
"لا اصدق ان هذا وجه لشخص ينام كثيرا , فأنت بالكاد تستيقظ من نومك فلما هذه الهالات تحت عينيك , هل تعاني من الكوابيس؟". – كروان .
نظر الملك لكليها طالبا منهما السكوت و الاصغاء لأمور البلاد .
سكت كلاهما و واصلا الاستماع لم تنتهي اللقاءات الا في ساعة متأخرة و خرج رئيس القطاع الغربي من البلاد و رئيس الحرس و قائد الجيش و الطبيب الملكي و مدير المؤن , ذهب الجميع من المكان و عاد فيديل الى عرشة و القناع الاسود على وجهه و قال " أنا لن اشارك في أي عمل من أعمال السحرة ".
"ولكن يا سيدي سوف يقاتلونك". – العوينات .
" لن يستطيعوا هزيمتي و ان لم يتوقفوا عن السحر الاسود فإنني لن اقف مكتوف الايدي , سأقضي عليهم جميعا انشر هذا الخبر بين كل السحرة , سأعطيهم مهله لمدة شهر". – فيديل.
"لكن سيدي هذا خطر" – العوينات .
"لا تخبرني ما يجب ان افعل " . – فيديل .
عاد فيديل للقصر في جناحه و اراد النوم حقا و لكن على الرغم من ذلك مازال لا يستطيع فقال للعوينات اريد ان استمع لما يحدث الان.
لم يكن هنا الكثير من الحديث عنه في تلك الساعة المتأخرة فقط بعض احاديث الحراس عن الدخول الغريب للأمير فيديل حيث انه لم يلحظ دخوله احد و لا شيء غير ذلك , تساءل فيديل هل توقفت جورجيانا عن ذكره كما في السابق , انه يجب ان يعود للنزل و يعترف لها , ثم عاد فيديل يشك في حقيقة مشاعره اتجاهها و قال للعوينات " اسمعني ما تفعله تلك الفتاة الشمطاء فلورا".
لم يعد العوينات يتساءل عما يريد فيديل سماعه و بدأ ينفذ و حسب . حينها لم يظهر الا صوت بكاء .
قال فيديل " اقسم انها لا تتوقف عن ذلك , هذا مزعج جدا".
عاد محاولا النوم بكل الطرق و لكن لم يستطع بقي ينظر في الشرفة يشاهد الهواء و الثلج في العاصفة و لم يعد يعلم ما الوقت بالتحديد لكن عيناه قد اغلقتا و اخيرا و حين استيقظ كان منتصف النهار قد مضى و الشمس في وسط السماء .
قام من فراشه و ذهب مباشرة الى المقصلة حتى يتولى مهامه كأمير و رأى كروان جالسا و قال" لماذا لم توقظوني ؟".
"انت حقا لا ترى وجهك ؟ , بالطبع لن نوقظك".
لقد كانت المهمات اقل من السابق و طلب الملك ان يكون كروان على رأس حملة المعونات للمنطقة الغربية و قد تأخذ الرحلة خمس ايام الى اسبوع على الاقل.
قال فيديل " ماذا عني؟".
الملك " انت ابقى في القصر فقد خرجت منه كثيرا ".
كان الملك يعاقب فيديل على تهوره لخروجه في تلك العاصفة , غضب فيديل من ذلك فإن الملك لايزال يعامله كطفل صغير.
انطلق كروان مع المعونات فور اصدار القرار , بقي فيديل لوحدة في المقاعد بالقرب من الملك , شعر فيديل بعدم الراحة و لكنه واصل اليوم الى ان عاد الليل .
ذهب لعرشة و قرر انه لن يستلم الجرائم و إنما الشكاوي على المجرمين فهو غير مستعد للاستماع لهم و تقبل جرائهم كهدايا و كذلك قال للعوينات ان ينشر هذا الخبر.
اعترض العوينات من جديد و قال "لكننا نحتاج هذه الاشياء للسحرة لاحقا".
" قلت لك اننا لن نساعدهم " – فيديل , لكن العوينات بدا خائفا فإن فيديل لا يعلم ما للذي يقحم نفسه فيه كما ان السحرة يعيشون في هدوء حاليا و يبدو انهم يخططون لشيء
قال العوينات " سيدي انا اخشى ان يتعرفوا على شخصيتك الحقيقية و تقع المملكة في مشاكل او في حروب".
"لا تقلق لن يكتشفني احد". – فيديل.
عاد للقصر من جديد و قبل ان ينام قال للعوينات " ماذا تفعل فلورا الان؟" , فسمع صوت بكاءها من جديد و عاد الغضب لفيديل و قال " الا تفعل شيئا غير البكاء , لماذا تبكي ".
قال العوينات " ان البكاء موجه لوالدتها".
"هذه الفتاة تغضبني حقا , هل تحسب انها الوحيدة في الكون التي تفقد والدتها ". لم يكن فيديل منطقيا .
لم يستطع النوم ففي الآونة الاخيرة كل ما يشغل تفكيره هو فلورا المزعجة و حين اتى الصباح قرر الذهاب للنزل لكن الحراس منعوه من ذلك بأوامر من الملك , لم يشئ فيديل الاختفاء بلا مبالاه و قال للعوينات " ابقى هنا فإن نادى علي الملك يجب ان تخبرني كي اعود".
اختفى فيديل في الظل و ذهب بالقرب من النزل و لكنه لم يشأ ان يذهب هناك فهو يعلم ان الجميع يكرهه ذهب بالقرب من النهر المتجمد و كانت نتائج العاصفة واضحه وقف بالقرب من مكانه المعتاد حتى اوشك ان يغادر لكن فلورا قد جاءت و قالت " يا الاهي انت هنا من جديد ".
"لماذا تأخرتي؟" قالها بصراخ.
اجابت فلورا بصراخ ايضا " و كيف لي ان اعلم انك هنا؟".
"لا تبدئي في خلق الاعذار الواهية , فأنا قلت بوضوح انني سأعود عندما احتاج لشيء " – فيديل.
صرخت فلورا بصوت اعلى من قبل " لكنك لم تقل متى و اين و كيف , تنقصك الكثير من المعلومات المهمة"
"كيف لشيء صغير مثلك ان يصرخ هكذا "
"كيف لشخص مثلك ألا يملك أي حس بالمنطق ".
ضحك فيديل باستهتار و قال " تتحدثين عن المنطق كأنك تعرفينه".
حاولت فلورا ان تمسك غضبها و قالت وهي تحاول جاهده "كيف ارد ديني لك؟".
" اااه صحيح نسيت ذلك لكن بما انني لم اجدك هنا باكرا فأنا لن اخبرك , حين تتذكرين دينك حقا عندها سوف اخبرك ماذا اريد أما الان الى اللقاء".
اغتاظت و اخذت فلورا نفسا عميقا " انا حقا لا اصدق ما تقوله , حتى الظهيرة لم تأتي بعد ".
ابتسم فيديل من اعماق قلبه حين رءاها غاضبة هكذا لكن العوينات نادى عليه و قال مباشرة " الى اللقاء " وهو مقطب وجهه بشكل ظريف.
مازالت فلورا لا تصدق هذه المحادثة السخيفة التي تمت للتو , لكنها قررت ان تأتي باكرا من اليوم و صاعدا حتى تستطيع ان ترد الدين بأي طريقة.
ذهب فيديل راكضا الى اقرب مكان مظلم في الغابة و اختفى الى غرفته و خرج مباشرة و قد كان حقا امرا ملكيا ان يتوجه للمقصلة , حين ذهب الى هناك و حيا كل من الملك و الملكة , قالت الملكة " سوف تهتم بتنظيم الحفل الراقص الذي سيتم في القصر خلال اسبوعين".
"حفل راقص؟". ثم صمت فيديل و هو يعلم ان الحفلات تتم عن طريق تابعي الملكة حيث يتم توزيع الدعاوي و تنظيم الحفل و الاكل و كل شئ كما انها مهمه صعبه حقا .
قال فيديل " ألا استطيع ان الحق بأخي الى المناطق الغربية ".
قال الملك " لن تذهب لأي مكان , و نفذ الاوامر فحسب و أرسل الدعوات لكل النبلاء في البلاد ".
"هل لي ان أسأل ما مناسبة هذه الحفلة ؟". – فيديل .
"سؤالك غريب يا ولدي بالطبع لنختار عروسة جميلة لكل منكما , يجب ان تكون من عائله معروفة و راقية". – الملكة .
كان فيديل يخشى ذلك , فهو لا يريد ان ينظم هذا الحفل كما انه لا يريد ان يشارك فيه أيضا .