الفصل الثاني والثمانون

Comenzar desde el principio
                                    

وقف بجوار جسدها المستكين، نظرة أخرى ألقاها عليها، قبل أن يشرع في تنفيذ باقي خطته، حيث ألقى بكميةٍ لا بأس بها على الأرضية، لتصبح زلقة للغاية، وبحذرٍ انحنى مجددًا عليها، قاصدًا نزع ثيابها الفوقية عنها. تعمد "آسر" أن يخفف من ثيابها المحتشمة، لتظهر نوعًا ما على أريحيتها، بقميصٍ منزلي قصير، شبه عاري، وكأنها كانت منهمكة في تنظيفها للمنزل بحريةٍ كبيرة، غير مكترثٍ بما يظهر من جسدها للغرباء حينما ينظرون إليها، لتكون تلك وسيلته الرخيصة لتشتيت الأنظار عنه. لم ينسَ كذلك إحضار الممسحة، ورفع بعض الأثاث، ليظهر المشهد منطقيًا. انتبه كذلك لفنجان القهوة الملوث بدمائها، أخذه إلى حوض المطبخ ليغسل الآثار من عليه، ثم نزع ثيابه عنه، وولج إلى الحمام مجددًا ليبلل كامل جسده بالمياه، فيبدو كمن انتهى لتوه من الاستحمام.

وما إن تأكد من إنجاز خطواته بالترتيب، حتى لف جسده بمنشفة قماشية، ثم سحب نفسًا عميقًا استعاد به انضباط أعصابه المرتبكة، وبدأ يهلل في فزعٍ؛ وكأنه قد تفاجأ بما أصابها:

-"فيروزة" حبيبتي، إيه اللي حصلك؟

تعمد أن يجثو إلى جوارها لتبتل المنشفة مكان ركبتيه، ثم نهض من مكانه، وهرول نحو باب المنزل مكملاً صراخه المستنجد باللغة الانجليزية:

-النجدة! أريد المساعدة هنا، زوجتي فاقدة للوعي.

في أقل من دقيقة نجح في إحداث جلبة بالمكان، وتجمع في منزله بعض الجيران، ينظرون في فضولٍ للجسد الساكن على الأرضية؛ لكن لم يجرؤ أحدهم على لمسها أو تحريكها، انضم إليهم الحارس الأمني "كاران"، اخترق الكتل البشرية، ليجد جسدها مستلقيًا في وضعٍ أقل ما يمكن وصفه بأنه مخيف. اعترته صدمة مرتاعة عليها، متوقعًا ألا تكون تلك الحادثة عابرة أو بمحض الصدفة، عكست نظراته المسلطة على وجه "آسر" شكوكه الكبيرة نحوه. لم يضيع الوقت، وهاتف الإسعاف على الفور، آملاً ألا يكون قد تأخر كثيرًا على إنقاذها.

استفاق "آسر" من شروده على رنين هاتفه المحمول، التفت برأسه نحو الجانب، والتقطه من جيبه، لينظر إلى شاشته، تجهمٌ عظيم استبد بكامل وجهه، دمدم بلفظة مزعوجة، قبل أن يجيب على الاتصـال:

-مرحبًا سيدي.

تلقى توبيخًا من الطرف الآخر، جراء الخسائر المتوالية، فقال بنوعٍ من التعهد:

-سأعوض كل شيء، فقط أمهلني بعض الوقت.

اخترق الصوت الغاضب أذنه قائلاً له:

-إن لم تصلح الأمر سريعًا، ستكون نهايتك!

وقبل أن يستجدي رب عمله أنهى المكالمة معه، لتزداد تعابيره إظلامًا، قذف بالهاتف في عصبيةٍ على الأرضية، وهتف في غضبٍ:

-هو أنا ناقص! هلاحق على إيه ولا إيه؟!!!!

.............................................................

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️Donde viven las historias. Descúbrelo ahora