الفصل الحادي والسبعون

43.5K 2.3K 800
                                    


مساء الخيرات عليكم ..

في انتظار تفاعلكم مع الفصل ..

وماتنسوش معرض الشارقة الدولي للكتاب لسه مستمر معاكو لحد يوم السبت القادم بأمر الله، خصومات كبيرة وعروض كتيرة في جناحنا إبداع بصالة 4

أعمالي كلها متاحة هناك ..

أسيبكم مع الأحداث المشوقة


الفصل الحادي والسبعون

على لوح خشبٍ متهالك، بدا وكأنه طوفِ نجاةٍ، يصارع للبقاء بثباتٍ وسط أمواجٍ عاتية، تمدد جسدها المرتعش عليه، شعرت أنه لا يكفي لحملها، بين لحظة وأخرى سيميل على جانبه، ليقذفها وسط تلك الدوامات الجائعة، المتلهفة لابتلاعها، بذلت "فيروزة" أقصى ما تستطيع لتتمسك بحافتيه، تشبثت به وارتجافتها المذعورة تتصاعد مع حدة الأمواج، لم تتمكن من إزاحة الماء العالق برموشها، أحست بحرقة تأكل عينيها، منعتها من الرؤية، ولم تقوَ على فركهما، فإن أبعدت يدها؛ لربما سقطت عن قشتها المُنجية، وبين تلك المعاناة، لمحت شيئًا قادمًا في اتجاهها، لم تتبين في البداية ماهيته، أطبقت على جفنيها وفتحتهما عدة مرات، حتى تتضح لها ملامحه، بعد مجهودٍ لا بأس به، استطاعت أن ترى قاربًا متوسط الحجم يدنو منها، اتسعت عيناها على آخرهما، وقد رأت "آسر" يقف بوجهه الشامت على سطحه، يرمقها بتلك النظرة الدونية، حرقة عظيمة اشتعلت في قلبها، دققت النظر في الواقف خلفه، والذي تقدم خطوتين ليقف إلى جواره، انقبض قلبها المعذب لرؤية شبح "فضل" وشفتاه ترسم ابتسامة حاقدة، ومن خلفهما انضم خالها إليهما، ليشترك الثلاثة في ازدرائها؛ كلٌ على شاكلته، وبطريقته المهينة.

هاجمتها موجة عنيفة، كادت تقلب اللوح على ظهره؛ لكنها نجت في اللحظة الأخيرة، ورغم آلام عينيها رفعتهما "فيروزة" نحو ثلاثتهم، تنتظر تحرك أحدهم لإنقاذها، لم يحركوا ساكنًا! ظلوا يشاهدون معاناتها المهلكة ببرودٍ شديد؛ وكأن قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة، يبتسمون لأنفسهم وهم يشيرون بأيديهم نحوها، وحده من التقطت أذناها ندائه البعيد، أجبرت رأسها على الاستدارة للجانب، لتسمع صوته الرجولي المألوف ينادي مجددًا:

-"فـيروزة!".

غمرها رغم الخطر المحدق بها إحساسًا مطمئنًا بإمانٍ لا حدود له، دق قلبها بقوةٍ، وقد رأته يسبح في اتجاهها، ذراعاه يضربان الأمواج باستماتةٍ، كما لو كان يقاتلها، في حلبة للمصارعة، سعى جاهدًا ليصل سريعًا إليها، ابتسمت تلقائيًا رغم كل شيءٍ لوجوده، شعرت بدفءٍ ينساب من طرفيها، أدركت لاحقًا أنها دموع سعادتها لحضوره المصحوب بأسمى معاني الشهامة، سماتٌ افتقدت وجودها في محيطها الذكوري، انفرجت شفتاها لترد النداء، ليعلم مكانها؛ لكن انحبس صوتها داخلها، كررت المحاولة، ولا استجابة من أحبالها! تلاشى الأمان، وحل الخوف كبديلٍ عنه، صرخ قلبها يناديه، بما عجز اللسان عن النطق به:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️Where stories live. Discover now