الفصل المائة وواحد

39.1K 2.4K 430
                                    


للساهرين بعد منتصف الليل


فصل جديد ..


الفصل المائة وواحد

بعينين ترمشان في توترٍ ملحوظ، حملقت في سقف الغرفة، ويداها معقودتان معًا فوق بطنها المنتفخ قليلاً، أثناء استلقائها على الفراش إلى جوار زوجها. سحبت "همسة" شهيقًا عميقًا، لفظته من رئتيها على مهلٍ، واستطردت تبوح لزوجها بما يستبد بها من مخاوفٍ تزداد ترسخًا فيها بمضي اللحظات:

-مكدبش عليك يا "هيثم"، أنا بقيت أخاف من مامتك...

بترت باقي كلامها، لتدير رأسها في اتجاهه، وجدته محدقًا مثلها بالسقف، وهذا التعبير الغامض يكسو وجهه، لعقت شفتيها، وتابعت استرسالها في ترددٍ:

-حاسة إنها ناوية على حاجة وحشة، وده مش مريحني.

رفعت جسدها قليلاً لتنظر إليه، ثم سألته في ترقبٍ:

-إنت مش حاسس بكده برضوه؟

أجابها وهو يسحب ظهره للخلف ليستند على عارضة الفراش ورائه:

-والله ما عارف أقولك إيه، هي أمي ...

لامست الألم في صوته عندما أكمل:

-وماينفعش أرميها في مصحة ولا الشارع، مش بعد العمر ده كله أبهدلها.

ردت في كلماتٍ مهونة عليه تخبطه:

-وأنا مقصدش ده أبدًا، بس فعلاً حالتها مش بتتحسن، وإنت أكيد ملاحظ ده.

وسَّد ذراعه خلف رأسه، وقال بزفيرٍ بطيء:

-بكرة أكلم الدكتور، وأخدلها ميعاد معاه، جايز يفيدنا بحاجة.

ابتسمت في امتنانٍ لقراره الجيد، وقالت:

-كده أفضل.

التفت برأسه ناحيتها لينظر إليها بعمقٍ قبل أن يخبرها:

-ولو إنتي مقلقة منها ابقي انزلي عند خالتي "ونيسة"، خليكي أعدة معاها، وأنا هفهمها الوضع، مهما كان هي بردك أختها، وأكيد هتساعدني ناخد بالنا منها الفترة دي.

أومأت برأسها موافقة:

-ماشي.

عاودت الاستلقاء مرة أخرى على ظهرها، وهي تطبق على جفنيها، مستدعية النوم إليها؛ لكن شتت حالة الاسترخاء المذبذبة سؤال "هيثم" الغريب:

-إيه الريحة دي؟

استنشقت الهواء المعبق بتلك الرائحة المزعجة، وقالت بوجهٍ متقلص:

-في ريحة شياط.

سألها مستفهمًا بحاجبٍ مرفوع للأعلى:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن