الفصل السادس والسبعون

38.1K 2.1K 577
                                    


في البداية وجب تهنئة جماهير ومحبي النادي الأهلي في كل مكان على الفوز في مباراتهم الحاسمة مع نادي الزمالك الليلة، وكل التمني بالتوفيق للاعبي فريق الزمالك في مباراياتهم القادمة ..


الفصل السادس والسبعون

طرأت له فكرة متهورة، أن يعود إلى منزله، باعتبار أنه سيكون مهجورًا في الفترة الحالية، بسبب انشغال العائلة بمتابعة الحالة الصحية لابنهم المفضل، أدرك أن تنفيذ فكرته يتضمن عواقب خطيرة؛ لكنها تستحق المجازفة، فقد أراد الحصول على بعض النقود، قبل أن تنفذ القلة القليلة المتبقية معه، عله تنفعه مؤقتًا لحين حصوله على ما يكفيه. تسلل من مخبأه الآمن، واتخذ الطرقات غير المباشرة ليصل إليه، وقبل أن ينحرف من عند الناصية، تجمد في مكانه للحظاتٍ، راقب فيها المدخل جيدًا. كان "محرز" على وشك التحرك، حينما لمح سيارة ليست بالغريبة تسده، تراجع بجسده للخلف، وتوارى عن الأعين، وهو يتمتم:

-هما بيعملوا إيه هنا؟

ظل متسمرًا في مكانه، ومع هذا شعر بارتفاع دقات قلبه المتوترة، حتى كاد يخرج من بين ضلوعه، اختلس النظرات مجددًا، فرأى "منذر" واقفًا بجوار شقيقه "دياب"، وعلى جانبه "بدير"، الذي يبدو مهمومًا، ثلاثتهم يتحدثون معًا بجدية واضحة عليهم، خمن أن وجود الشقيقين هنا له صلة بـ "تميم"، وهما أخطر في عدائيتهما عن الأخير، بلع ريقه، وتراجع مختبئًا حتى يهدئ من روعته، ثم تحلى بشجاعة زائفة، وأطل برأسه من الزاوية، ما لبث أن تبدل الخوف الشديد إلى غيظ وحقد، حيث احتقن وجهه بشدة، وتصاعدت الدماء إلى رأسه؛ كأنها ستتفجر من فتحات وجهه بالكامل، عندما أبصرت عيناه زوجته تتبادل الحديث مع "سراج"، والأخير يبدو مهتمًا بها بشكلٍ مبالغ فيه، كما لو أنه قدم له فرصة ذهبية ليتودد إليها، على مرأى ومسمع منه، وهو عاجز عن منعه،؛ كان هذا آخر ما ينقصه! الوقح يكرر ما فعله سابقًا قبل أن يفسد الأمر برمته عليه.

توقفت عقارب الساعة عن الحركة، لتعود به لسنواتٍ مضت، عندما كان فقيرًا، معدمًا، لا يملك إلا القليل، يُعد نفسه مجازًا كرئيسٍ للعمال؛ وإن كان لا يرتقي عنهم في منصبه الافتراضي، سوى بدهائه في تطييع الأمور لصالحه، ليستفيد منها على قدر الإمكان. وقتها كلاهما كانا يجلسان أمام إحدى الشاحنات، في سوق الجملة، على مقعدين خشبيين، ينتظران انتهاء العمال من تعبئة الصناديق بالطازج من الفواكه، والخضراوات. نفخ "سراج" دخان نارجيلته في الهواء، والتفت نحوه يحادثه، بنوعٍ من الاستهلال:

-بأقولك إيه يا "محرز"...

ارتشف الثاني قدرًا من الشاي الساخن الذي يملأ كوبه الزجاجي، وقال:

-أيوه يا معلم "سراج".

تردد قبل أن يخبره بحرجٍ:

-عايز اسألك في حاجة كده، بس بعيد عن الشغل، حاجة خصوصي شوية.

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️Where stories live. Discover now