الفصل مائة وستة

42.7K 2.5K 771
                                    


مساء الخيرات عليكم


موعدكم مع الفصل الجديد


الفصل مائة وستة

لعبت الوساطة القوية دروها في حل الأزمة القائمة، وتغيير مجريات الأمور القانونية، ليتحول البلاغ المقدم عن محاولة لاختطاف أحدهم عنوة، لمجرد بلاغٍ عن سرقة فاشلة، نجح السارق فيها في الهروب قبل إلقاء القبض عليه. كان مدخل البناية مزدحمًا بعشرات الأفراد، ما بين أفراد الشرطة، وعمال الدكان، والمتورطين في الحادثة، فيما عدا الجد "سلطان"، و"ونيسة"، وأيضًا "هاجر". تولى الحاج "بدير" الذي عاد لتوه إدارة الموقف، مستغلاً علاقاته الواسعة في ضبط الوضع، والتأكد من عدم توريط أحدهم قانونيًا، بل وإنهائه هنا بعيدًا عن التواجد في القسم الشرطي.

لدهشة الضابط وجد اتفاقًا غير معلن بين الجيران على تكرار نفس العبارات المبهمة عن عدم رؤية أحدهم لما حدث؛ وكأنهم اتفقوا فيما بينهم على توحيد أقوالهم، ليجد نفسه حائرًا في الوصول إلى الحقيقة الأكيدة عما دار هنا. نظر شزرًا إلى "تميم" الذي كان يستفزه بنظراته المغترة، قبل أن يبعدها عنه ليتطلع إلى "همسة" ويأمرها:

-امضي على أقوالك هنا يا مدام.

تقدمت نحوه، وأمسكت بالقلم الحبري لتوقع حيث أشار لها على الأوراق الرسمية، تصنعت الابتسام وهي تعيد القلم إليه، فخرجت بسمتها باهتة مهزوزة، انسحبت عائدة إلى حيث تقف توأمتها. شردت "فيروزة" مستغرقة في تفكيرها الحائر، وكلمات "تميم" تتردد في صدى عقلها عن عدم جرأة أحدهم على التطرق لما قيل مُطلقا، لم تقل دهشتها عن الضابط، وزاد فضولها لمعرفة كيف فعل هذا، تحفزت بتعابيرٍ ناقمة مع سؤال الضابط لها بطريقته التشكيكية:

-متأكدة يا أستاذة إنك ماشوفتيش وشه؟

هنا تأهب "تميم" في وقفته، وباتت كامل نظراته عليها، لم ينكر أنه خشي من ردة فعلها، ومخالفتها لأي اتفاقٍ قد عُقد معها، لرغبتها الشديدة في الثأر لسمعتها التي تدنست بلسانٍ غير شريف أباح لنفسه الخوض في عرضها. حبس أنفاسه مترقبًا؛ لكن ما لبث أن طرد الهواء في ارتياحٍ عندما أجابت بوجهها العابس:

-لأ، كان مغطيه.

طالت نظرات الضابط المتفرسة نحوها، قبل أن يسألها مرة أخرى بطريقته المحققة:

-واللي في إيدك ده من الحرامي؟

انخفضت نظرات "فيروزة" نحو معصمها المتورم، وأجابت بعد لحظة من التفكير:

-أيوه.

تدخل "تميم" في الحوار مقاطعًا إياهما بلهجةٍ أظهرت انزعاجه من رؤية ذلك التورم جراء تصديها لهذا الوغد الحقير:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن