الفصل الرابع والسبعون

41.5K 2.1K 944
                                    


باعتذر عن التأخير لرغبتي في نشر الفصل بكامل مشاهده


الفصل الرابع والسبعون

لحظاتٍ من الذهول أصابتها، استفاقت منها سريعًا، ليرتفع حاجباها للأعلى في صدمةٍ، تخللتها علامات الفرحة الواضحة، فعلى عتبة باب منزلها، تقف شقيقة زوجها تنتظر استقبالها لها .. وبحركاتٍ لا إرادية مسحت "سماح" على عباءتها المنزلية لتفرد قماشها المجعد، وهتفت مرحبة بها بحرارةٍ شديدة، وهي تتنحى للجانب قليلاً، لتتمكن من إفساح المجال لها، للمرور للداخل:

-يا 100 مليون مرحبًا، نورتي البيت يا ست "آمنة".

لم تزح "حمدية" حجاب وجهها عنها، احتفظت به عليها ريثما تلج لمنزلها، لتضمن عدم رؤية أحدهم لها، ولو مصادفةً؛ كانت حريصة كل الحرص على إخفاء هويتها. تنحنحت وهي ترفع البرقع عنها، لتقول بعدها كنوعٍ من المجاملة، ويدها تحمل كيسًا بلاستيكًا:

-البيت منور بأهله.

سبقتها "سماح" في خطواتها، لتقترب من إحدى الأرائك، نفضتها بيدها لتزيح أي أتربة عالقة فيها، أو شوائب صغيرة، ودعتها للجلوس، بنفس الود الكبير:

-اتفضلي هنا يا غالية.

رسمت ضرتها ابتسامة محبة زائفة على ثغرها، وتحركت في اتجاهها، وعيناها تحملقان بها بغموضٍ؛ وكأنها تدرس تفاصيلها، لترد بعدها بإيجازٍ:

-كتر خيرك.

مقارنة سريعة عقدها عقلها بينها وبين تلك المرأة، اعتبرتها لا ترتقي لمقياس السحر الأنثوي، ولا تستحق النظر إليها؛ فلم تكن تملك من الجمال إلا قدرًا قليلاً، جسدها ممتلئ، غير متناسق المنحنيات، ربما بشرتها أفتح بقدرٍ بسيط، الفارق الجدي الملحوظ بينهما هو اختلاف أعمارهما، فـ "سماح" تصغرها بعشرةِ أعوامٍ على أقل تقدير. انتبهت "حمدية" لنظراتها الزائدة، وأبعدت عيناها عنها، لتعلق بابتسامة صغيرة، وهي تسند الكيس البلاستيكي إلى جوارها:

-ماشاءالله ياختي، بيتك زي الفل...

صاحب كلامها نظرات متأنية، مسحت بها تفاصيل المكان، وجاهدت كذلك أن تخفي ازدرائها فيها، على المنزل البسيط، الذي لا يحوي إلا أثاثًا زهيد السعر. عادت لتحدق في وجه مُضيفتها، وادعت كذبًا بابتسامة بدت إلى حد ما متقنة:

-الصراحة يرد الروح، مش زي بيوت تانية تخشيها يقبض نفسك.

ضحكت عاليًا، وعقبت عليها وهي تجلس على الأريكة المجاورة لها:

-الله يكرمك يا رب، ده من ذوقك والله...

ثم صمتت للحظة، لتضيف بعدها، بمزيدٍ من المدح:

الطاووس الأبيض ©️ - الجزء الثالث - كامل ☑️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن